للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"اهتزَّ العرشُ فَرَحًا به"، لكنَّه تأوَّله كما تأوَّله البراءُ بن عازِبٍ، فقال: "اهتزَّ العرشُ فرَحًا بلقاء الله سعدًا حتَّى تفسَّخت أعوادُه على عواتِقِنا" قال ابنُ عُمر: يعني عرشَ سعدٍ الذي حُمل عليه. وهذا من رواية عطاء بن السَّائب، عن مُجاهدٍ، عن ابن عُمر. وفي حديث عطاءٍ مَقالٌ؛ لأنَّه ممَّن اختَلَط في آخر عُمره. ويُعارِضُ روايَتَه أيضًا ما صحَّحه التِّرمِذِيُّ من حديث أنَسٍ، قال: لمَّا حُمِلَت جنازةُ سعدِ بن مُعاذٍ قال المُنافِقُون: ما أخفَّ جنازَتَه، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الملائكة كانت تحمِلُهُ".

قال الحاكمُ: الأحاديثُ التي تُصرِّحُ باهتزاز عرش الرَّحمن مخُرَّجَةٌ في "الصَّحيحَين"، وليس لِمُعارِضِها في الصَّحيح ذِكرٌ. انتهَى.

وقيل: المُراد باهتزاز العَرش اهتزازُ حَمَلة العَرش. ويُؤيِّدُهُ حديثُ: "إنَّ جبريل قال: مَن هذا الميِّتُ الذي فُتِحَت له أبوابُ السَّماء واستَبشَر به أهلُها" أخرَجَه الحاكم.

وقيل: هي علامةٌ نَصَبَها الله لموت مَن يموتُ مِن أوليائِهِ؛ لِيُشعِرَ الملائكةَ بفضله.

وقال الحَربِيُّ: إذا عظَّمُوا الأمرَ نَسَبُوه إلى عظيمٍ، كما يقُولُون: قامَت لموتِ فُلان القيامةُ، وأظلمت الدُّنيا ونحو ذلك.

وفي هذه مَنقَبَةٌ عظيمةٌ لسعدٍ.

وأمَّا تأويل البَراء على أنَّه أراد بالعرش السَّريرَ الذي حَمَلَهُ عليه، فلا يَستَلزِمُ ذلك فضلًا له؛ لأنَّه يشركه في ذلك كلُّ ميِّتٍ، إلَّا أنَّه يُريدُ: اهتزَّ حَمَلةُ السَّرير فَرَحًا بقُدُومه على ربِّه" انتهَى كلامُ الحافظ.