فيتكوَّنُ في جِسمِه من ذلك مادَّةً سامَّةً، يُسمِّيها عُلماءُ الطِّبِّ بـ "مُبعِد البِكتِرَيا"، وهي تَقتُل كثيرًا من جَراثِيم الأَمرَاض. ولا يُمكِنُ لتلك الجراثيمِ أن تَبقَى حيَّة، أو يَكُونُ لها تأثيرٌ في جسم الإنسان في حال وُجُود مُبعِد البِكتِريا. وأنَّ هُناك خاصيَّةً في أحد جَناحَي الذُّبَاب، هي أنَّهُ يُحوِّلُ البِكتِريا إلى ناحيته. وعلى هذا، فإذا سَقَط الذُّبَاب في شرابٍ أو طَعَامٍ، وأَلقَي الجراثيمَ العَالِقَةَ بأطرافِهِ في ذلك الشَّراب، فإنَّ أقرَبَ مُبيدٍ لتلك الجراثِيمِ، وأوَّلَ واقٍ منها هو مُبعِدُ البِكتِريا، الذي يَحمِلُه الذُّباب في جَوفِه قريبًا مِن أحد جَناحَيه. فإذا كان هُناك داءٌ فدَوَاؤُه قريبٌ منه، وغَمسُ الذُّباب كُلِّه وطرحُهُ كافٍ لقتل الجَراثِيم التي كانَت عَالِقَةً، وكافٍ في إبطال عَمَلِها".
وقد قرأتُ قديمًا في هذه المجلَّة بحثًا ضَافِيًا في هذا المَعنَى، للطَّبيب الأُستاذ سعيد السِّيُوطِيِّ (مجُلَّد العام الأوَّل)، وقرأتُ في مجُلَّد العام الفَائِت (ص ٥٠٣)، كلمةً للطَّبِيبَين محمُود كمال، ومحُمَّد عبد المُنعِم حُسين، نقلًا عن مجَلَّة الأَزهَر.
ثُمَّ وقفتُ على العَدَد (٨٢) من "مجلَّة العربيِّ" الكُويتيَّة (ص ١٤٤)، تحت عُنوان: "أنتَ تسألُ، ونحنُ نُجيبُ"، بقلم المدعُو عبد الوَارِث كبير، جوابًا له على سؤالٍ عمَّا لهذا الحديثِ من الصِّحَّة والضَّعف؟ فقال: "أمَّا حديثُ الذُّبَاب، وما في جَناحَيه من داءٍ وشِفاءٍ، فحديثٌ ضعيفٌ، بل هُو عقلًا حديثٌ مُفتَرًى. فمِنَ المُسَلَّمِ به أنَّ الذُّبَاب يَحمِلُ من الجَرَاثِيم والأَقذَار … ولم يَقُل أحدٌ قَطُّ أنَّ في جناحَي الذُّبابَة داءً، وفي