لأنَّهُ ذَكَر أنَّ المَقصُودَ من العَدَد مجُرَّدُ الكَثرَةِ، وأنَّ المَقصودَ من التُّراب هو استِعمالُ مادَّةٍ مع الماء مِن شأنِهَا إزالَةُ ذلك الأَثَر!
وهذا تأويلٌ باطلٌ، بَيِّنُ البُطلَان، وإِن كَانَ عَزَاهُ للشَّيخ مَحمُود شَلْتُوت عفا الله عنه.
فلا أَدرِي أيَّ خَطايَاهُ أَعظَمُ، أَهُوَ تضعيفُهُ للحديث الأوَّلِ، وهو صحيحٌ، أم تأوِيلُهُ للحديث الآخَر وهو تأويلٌ باطلٌ!
وبهذه المُناسَبة، فإنِّي أَنصَحُ القُرَّاءَ الكِرامَ بأن لا يَثِقُوا بكُلِّ ما يُكتَب اليوم في بَعض المَجلَّات السَّائِرَةِ، أو الكُتب الذَّائِعَة، من البُحُوث الإسلاميَّة، وخُصُوصًا ما كان مِنهَا في علم الحَدِيث، إلَّا إذا كانَت بِقَلَم من يُوثَق بدِينِه أوَّلًا، ثُمَّ بعِلمِه واختِصاصِه فيه ثانيًا، فقد غَلَب الغُرورُ على كثيرٍ من كُتَّاب العصر الحَاضِر، وخُصُوصًا من يَحمِلُ منهم لقبَ "الدُّكتور"! فإنَّهُم يكتبون فيما ليس من اختِصَاصِهم، وما لا عِلمَ لهم به. وإنِّي لَأَعرِفُ واحدًا من هؤُلاء، أَخرَجَ حديثًا إلى النَّاس كِتابًا جُلُّه في الحديث والسِّيرَة، وزَعَم فيه أنَّهُ اعتَمَد فيه على ما صحَّ من الأحاديثِ والأَخبَارِ في كُتب السُّنَّةِ والسِّيرَة! ثُمَّ هو أَورَد فيه من الرِّوايَات والأَحَادِيث ما تفرَّد به الضُّعَفاء والمَترُوكُون والمُتَّهَمُون بالكَذِب من الرُّوَاة، كالوَاقِدِيِّ وغيرِه، بل أَورَد فيه حديثَ:"نَحنُ نَحكُمُ بالظَّاهر، والله يتولَّى السَّرائر"، وجَزَم بنِسبَتِه إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، مع أنَّه ممَّا لا أَصلَ له عنه بهذا اللَّفظ، كما نبَّهَ عليه حُفَّاظُ الحديث، كالسَّخَاوِيِّ وغيرِه.
فاحذَرُوا أيُّها القُرَّاء أمثالَ هؤُلاء. والله المُستَعان" انتهَى.