وهذه الرِّواية أصحُّ، ورَفعُ هذا الحديث عِندِي مُنكَرٌ؛ وأبو بكرٍ ابنُ أبي أُوَيسٍ اسمُه عبدُ الحميد بنُ عبد الله، وهو ثِقةٌ، ولكن قال فيه النَّسائِيُّ:"ضعيفٌ"، فلعلَّ هذا مِنهُ، ورُبَّما كان ذلك من العَلاء. واللهُ أعلَمُ.
فأخرَجَهُ نُعيمُ بنُ حمَّادٍ في "الفِتَن"(٣١٦) قال: حدَّثَنَا رِشدِينُ .. والبيهقيُّ في "الدَّلائل"(٦/ ٥٠٧، ٥٥٨) من طريق كاملِ بنِ طلحة .. كِلاهُما عن ابن لهِيعَة، عن أبي قَبِيلٍ، عن ابن مَوْهَبٍ، أنَّ مُعاوية بينما هو جالسٌ وعنده ابنُ عبَّاسٍ، إذ دَخَلَ عليهم مَروَانُ بنُ الحكَم في حاجةٍ، فلمَّا أَدبَر قال مُعاوِيةُ لابن عبَّاسٍ: أَمَا تَعلَمُ! أنَّ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إِذَا بَلَغَ بنو الحَكَم ثلاثين رجُلًا، اتَّخَذُوا مالَ الله تعالى بينهم دُوَلًا، وعبادَه خوَلًا، وكِتابَه دَغَلًا"؟ قال ابنُ عبَّاسٍ: اللَّهُمَّ نعم!. ثُمَّ إِنَّ مروانَ ردَّ عبدَ المَلِك إلى مُعاويةَ في حاجَتِه، فلمَّا أَدبَر عبدُ الملِك قال مُعاوية: أَنشُدُكَ بالله يا ابنَ عبَّاسٍ! أَمَا تعلَمُ أنَّ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ هذا فقال:"أبُو الجَبَابِرَةِ الأربعة "؟ قال ابنُ عبَّاسٍ: اللَّهُمَّ نَعَم!
• قلتُ: قلتُ: وهذا مُنكَرٌ جدًّا، كأنَّهُ موضُوع، فلعل أحدًا كَذَبَهُ وأدخَلَهُ على ابن لَهِيعَة، وليس بغريبٍ أن يَحدُث مثلُه لابن لِهَيعَة؛ مع شِدَّة غفلَتِه في آخر عُمُره رحمه الله.
وقد ذَكَرَ الحافظُ ابنُ كَثيرٍ هذه الرِّواية في "البداية والنِّهاية"(٦/ ٢٤٢)، ثُمَّ قال:"وفيه غَرَابَة ونَكَارَةٌ شديدةٌ".