للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والإسناد مُنقَطعٌ كما قال الذَّهبيُّ بين ضَمرَةَ بنِ حبيبٍ، وأبي الدَّرداء.

قال البَزَّار: "لا نَعلَمُ أحدًا رواه عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلَّا أبو الدَّرداء، ولا له إسنادٌ غيرُ هذا" انتهى.

وكلام البَزَّار مُتعقَّبٌ برِواية أبي بكرٍ بن أبي مريم. والله أعلم.

وطَرِيقُ البَزَّار أنظفُ؛ ومُعاويةُ بنُ صالحٍ ثقةٌ، ولكنَّ الرَّاوي عنه عبد الله بن صالحٍ، وهو كاتِبُ اللَّيث، فيه مقالٌ. ولذلك قال البَيهَقِيُّ عَقِبَ رواية مُعاويةَ بنِ صالحٍ: "وهذا الإسناد أصحُّ"، ولا يَقصِدُ تصحيحَه بهذه العبارة، لكن يَقصِد أنَّه أقلُّ ضعفًا مِن طريق أبي بكرٍ ابن أبي مَريم. وهذه العِبارة تأتي كثيرًا على ألسِنَةِ النُّقَّاد، ولا يَقصِدُون بها تَصحيح الإسناد أو الحديث.

ونَظِيرُ هذا: أنَّ الدَّارَقُطنيَّ سُئل عن محُمَّد بن الحَسَن الشَّيبانيِّ صاحب أبي حَنِيفة: "ما دَرَجَتُه في الحديث؟ "، فقال: "أعورُ بين عميان"، وهو يُزَكِّيه بهذه العِبارة، وإن وَصَفَه بِالعَوَر؛ فكأَنَّه قال: له بعضُ حِفظٍ في قومٍ لا يَحفَظُون الحديثَ ولا يَضبِطُونَه.

وكذلِكَ ما يقُولُه بعضُ المُتأخِّرين في الحُكم على الحديث، فيَقُولُون: "رِجالُه رجال الصَّحيح"، أو "رِجالُه ثقاتٌ"، أو "رجالُه مُوَثَّقُون"، كُلُّ هذه العِباراتِ لا يُقصَد بها تصحيحُ الإسناد. فكُن مِنها على ذُكْرٍ، فَكَم وَقَعَ بسببها ناسٌ في تصحيح أحاديثَ ضعيفةٍ. والله المُوَفِّق.