فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ نائحةٍ تَكذِبُ إلَّا أمَّ سَعدٍ"، ثُمَّ خَرَج به، - قال: - يقول له القومُ أو مَن شاء اللهُ منهم: يا رسُولَ الله! ما حَمَلْنَا ميِّتًا أخفَّ علينا مِن سَعدٍ! فقال: "ما يَمنَعُكُم مِن أن يَخِفَّ عَلَيكُم وَقَد هَبَطَ مِنَ الملائكَةِ كَذَا وَكَذَا - قَد سَمَّى عِدَّة كثيرةً لَم أَحفَظهَا - لم يَهبِطُوا قطُّ قبلَ يومِهِم، قد حملوهُ معكُم".
أخرَجَهُ ابنُ سَعدٍ (٣/ ٤٢٧) قال: أخبَرَنا الفضلُ بنُ دُكينٍ، قال: أخبَرَنا عبدُ الرَّحمن بنُ سليمانَ بن الغَسِيل، عن عاصمِ بن عُمرَ بن قتادةَ، عن مَحمُودِ بن لَبيدٍ بهذا.
وأخرَجهُ البُخارِيُّ في "التَّاريخ الكبير"(٤/ ١/ ٤٠٢) قال: قال لنا أبو نُعَيمٍ - وهو الفَضلُ بنُ دُكَينٍ - بهذا الإسناد مختصَرًا جدًّا.
وهذا إسنادٌ جيِّدٌ. ومحمُودُ بنُ لَبيدٍ اختلَفَ أهلُ العِلمِ في صُحبَتهِ، فذهبَ أكثرُهُم إلى أنَّه صحابيٌّ، كأحمدَ والبُخارِيِّ والتِّرمِذِيِّ وغيرِهِم، وعارَضَ في ذلكَ أبو حاتِمٍ ومُسلِمٌ.
قال ابنُ عبد البَرِّ في "الاستيعاب"(٣/ ٤٣٥): "قولُ البُخارِيِّ أولَى، وقد ذَكَرنَا من الأحاديثِ ما يَشهدُ لهُ، وهُو أولى بأن يُذكَرَ في الصَّحابةِ من محمُودِ بن الرَّبيع؛ فإنَّه أَسَنُّ منهُ. وذَكَره مُسلم في الطَّبقةِ الثَّانية منهم فلم يَصنَع شيئًا، ولا عَلِمَ مِنهُ ما عَلِمَ غيرُهُ. وكان محمُودُ بن لَبيدٍ أحدَ العُلماء".
وقال الحافظُ في "التَّهذيب": "على مُقتَضَى قولِ الوَاقِدِيِّ في سِنِّهِ