للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ينتقد من يُصحِّحُ بالذَّوق دُون مراعاةٍ لعُلوم الحديث. ولو سلَكنا هذا المَسلَكَ فسوف نُصحِّحُ المئاتِ، بل الألوفَ، من الأحاديثِ المَوضُوعة والباطلةِ؛ فمُتُون هذه الأحاديثِ تلتقي مع الأُصول العامَّة للشَّريعة، فهل يُمكنُ مثلًا أن نُصحِّحَ حديثَ: "من أَخَذ مالًا من نَهاوِشَ أذهَبَهُ اللهُ نَهابرَ" وهو حديثٌ موضوعٌ، ومعناه: من أخَذَ مالًا من غير حِلِّه أذهَبَه اللهُ هَدَرًا ولم ينتفع به صاحبُه؟ فهذا المعنَى يُوجَدُ في عموم آياتٍ وأحاديثَ، وأنَّ الله يعاقِبُ صاحبَ المالِ الحرامِ بالابتلاء، وقد رأينَا عشَراتِ الحِكاياتِ التي تدُلُّ على ذلك، فهل يُمكنُ أن نُصحِّحَ هذا الحَديثَ مع قطع النَّظر عن إسنادِه لأنَّه يوافِقُ الواقعَ؟!

وقد رأيتُ الغُماريَّ يقوِّي الأحاديثَ بناءً على هذا الأصلِ الباطِل في مَواضعَ من "المُداوِي"، أَذكُر لك بعضَها ليس على سبيل الحَصر.

فمن ذلك:

أن السِّيوطِيَّ ذكر في "الجامِع الصَّغير" حديثَ: "اقرؤوا على موتاكم {يس}، فقال الغُماريُّ (٢/ ١٣٣ - ١٣٤):

"قال الشَّارحُ: "لاشتِمالِها على أحوالِ البَعث والقِيامةِ، فيتذكَّر ذلك بها. أو المُرادُ: اقرؤوها عليه بعد موتِه. والأَوْلَى الجمعُ. قال ابنُ القيِّم: وخَصَّ {يس} لما فيها مِن التَّوحِيد والميعادِ والبُشرَى بالجنَّة لأهل التَّوحيد، وغِبطَةِ مَن مات عليه؛ لقوله: {يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} [يس: ٢٦] ".

قلتُ [القائلُ الغُماريُّ]: الأَولَى تعليلُ قراءَتِها بالوارِد، فقد قال أبُو نُعَيمٍ في "التَّاريخ": "حدَّثَنا القاضي مُحمَّدُ بنُ أحمد بن إبراهِيم، ثنا إبراهِيمُ