إلَّا بهذا الإسناد"، فوَهَمٌ مِنه على ابن القَطَّان؛ لأن ابنَ القَطَّان قال في "الوهم والإيهام" (٣/ ٤١): "وأبو سعيدٍ هذا لا يُعرَف في غير هذا الإسناد"، ولذلك صَرَّح بأنَّه مجهولٌ، وفرقٌ كبيرٌ بين النَّقلَين.
ولو سَلَّمنا أن ابن القَطَّان قال ما ذَكَرَه عنه ابنُ حَجَرٍ، فهو مُتَعَقَّبٌ بما يأتي من الشَّواهد، إن شاءُ الله تعالى.
ونَقَلَ المُنذِرِيُّ في "التَّرغيب" (١/ ١٣٤) عن أبي داوُد، أنَّهُ قال: "مُرسلٌ"، قال: "يعني: أن أبا سعيدٍ لم يُدرِك مُعاذًا".
ثُمَّ إنَّ أبا سعيدٍ هذا مجهولٌ، كما تقَدَّم.
وله شاهدٌ مِن حديث ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما - مرفُوعًا: "اتَّقُوا المَلاعِن الثَّلاث: أَن يَقعُد أحدُكُم في ظِلٍّ يُستَظَلُّ فيه، أو في طريقٍ، أو في نَقعِ ماءٍ".
أخرَجَهُ أحمدُ (١/ ٢٩٩)، والخَطَّابِيُّ في "الغريب" (١/ ١٠٨) من طريق ابن المُبارَك، وابن وَهبٍ، قالا: ثنا ابنُ لهِيعَة، حدَّثَني ابنُ هُبَيرَةَ، قال: أخبَرَني من سَمِع ابنَ عبَّاسٍ مرفُوعًا.
قال الحافظُ في "التَّلخيص" (١/ ١٠٥): "فيه ضعفٌ؛ لأجل ابن لَهيعة.
والرَّاوِي عن ابن عبَّاسٍ مُبهَمٌ".
• قلتُ: ابنُ المُبارَك وابنُ وَهبٍ، مِن قُدَماء أصحاب ابن لهَيعَة، ورِوايَتُهم، مع من سَمِعُوا من ابن لهَيعَة قبل احتراق كُتُبِه، متماسِكَةٌ.
ورَوَاهُ أبو هُريرَة مرفُوعًا بلفظ: "اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ"، قالوا: "وما اللَّعَّانَانِ، يا رسُول الله؟ "، قال: "الَّذِي يتَخَلَّى في طريق النَّاس، أو في ظِلِّهِم".