الْمَاءِ كُلِّهِ حِينَ مَاتَ زِنْجِيٌّ فِي بِئْرِ زَمْزَمَ
(فَإِنْ انْتَفَخَ الْحَيَوَانُ فِيهَا أَوْ تَفَسَّخَ نُزِحَ جَمِيعُ مَا فِيهَا صَغَرَ الْحَيَوَانُ أَوْ كَبُرَ) لِانْتِشَارِ الْبِلَّةِ فِي أَجْزَاءِ الْمَاءِ. قَالَ (وَإِنْ كَانَتْ الْبِئْرُ مَعِينًا لَا يُمْكِنُ نَزْحُهَا أَخْرَجُوا مِقْدَارَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ الْمَاءِ) وَطَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ أَنْ تُحْفَرَ حُفْرَةٌ مِثْلُ مَوْضِعِ الْمَاءِ مِنْ الْبِئْرِ وَيُصَبُّ فِيهَا مَا يُنْزَحُ مِنْهَا إلَى أَنْ تَمْتَلِئَ أَوْ تُرْسَلَ فِيهَا قَصَبَةٌ وَيُجْعَلَ لِمَبْلَغِ الْمَاءِ عَلَامَةٌ ثُمَّ يُنْزَحُ مِنْهَا عَشْرُ دِلَاءٍ مَثَلًا، ثُمَّ تُعَادُ الْقَصَبَةُ فَيُنْظَرُ كَمْ اُنْتُقِصَ فَيُنْزَحُ لِكُلِّ قَدْرٍ مِنْهَا عَشْرُ دِلَاءٍ، وَهَذَانِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀، وَعَنْ مُحَمَّدٍ ﵀ نَزْحُ مِائَتَا دَلْوٍ إلَى ثَلَثِمِائَةٍ فَكَأَنَّهُ بَنَى قَوْلَهُ عَلَى مَا شَاهَدَ فِي بَلَدِهِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي مِثْلِهِ يُنْزَحُ حَتَّى يَغْلِبَهُمْ الْمَاءُ وَلَمْ يُقَدِّرْ الْغَلَبَةَ بِشَيْءٍ
الْفَأْرَةِ الصَّحِيحَةِ الْجَسَدِ. وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَتْ الْبِئْرُ مَعِينًا) يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمِيمُ زَائِدَةً مِنْ عَنَتْ: أَيْ بَلَغَتْ الْعُيُونَ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَصْلِيَّةً مِنْ مَعَنَتْ الْأَرْضُ: أَيْ رُوِيَتْ، وَمَاءٌ مَعِينٌ: أَيْ جَارٍ وَأَنْ يَكُونَ فَعِيلًا فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مَعِينَةٌ؛ لِأَنَّ الْبِئْرَ مُؤَنَّثَةٌ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا حَمْلًا عَلَى اللَّفْظِ أَوْ تَوَهُّمِ أَنَّهُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَقَوْلُهُ: (لَا يُمْكِنُ نَزْحُهَا) صِفَةٌ. وَقَوْلُهُ: (أَخْرَجُوا) جَوَابُ الْمَسْأَلَةِ.
وَقَوْلُهُ: (مِقْدَارُ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ الْمَاءِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْمَاءِ الَّذِي كَانَ زَمَنَ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ. وَقَوْلُهُ: (فَيُنْزَحُ لِكُلِّ قَدْرٍ مِنْهَا عَشْرُ دِلَاءٍ) حَتَّى إذَا كَانَ طُولُ الْمَاءِ عَشْرَ قَبَضَاتٍ فَانْتَقَصَ لِعَشْرِ دِلَاءٍ قَبْضَةً وَاحِدَةً يُعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الْمَاءِ مِائَةُ دَلْوٍ فَيُنْزَحُ تِسْعُونَ دَلْوًا أُخْرَى.
وَقَوْلُهُ: (بَنَى جَوَابَهُ عَلَى مَا شَاهَدَ فِي بَلَدِهِ)؛ لِأَنَّ بَلَدَهُ بَغْدَادُ وَغَالِبُ مِيَاهِ آبَارِ بَغْدَادَ لَا تَزِيدُ عَلَى ثَلَثِمِائَةِ دَلْوٍ. وَقَوْلُهُ: (وَلَمْ يُقَدِّرْ الْغَلَبَةَ بِشَيْءٍ)؛ لِأَنَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute