للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَإِذَا أَرَادَ الشَّرِكَةَ بِالْعُرُوضِ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَالِهِ بِنِصْفِ مَالِ الْآخَرِ، ثُمَّ عَقَدَا الشَّرِكَةَ) قَالَ (وَهَذِهِ الشَّرِكَةُ مِلْكٌ) لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْعُرُوضَ لَا تَصْلُحُ رَأْسَ مَالِ الشَّرِكَةِ، وَتَأْوِيلُهُ إذَا كَانَ قِيمَةُ مَتَاعِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ،

قَالَ (وَإِذَا أَرَادَ الشَّرِكَةَ بِالْعُرُوضِ) لَمَّا كَانَ جَوَازُ عَقْدِ الشَّرِكَةِ مُنْحَصِرًا فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ وَفِي ذَلِكَ تَضْيِيقٌ عَلَى النَّاسِ ذَكَرَ الْحِيلَةَ فِي تَجْوِيزِ الْعَقْدِ بِالْعُرُوضِ تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ فَقَالَ (وَإِذَا أَرَادَ الشَّرِكَةَ بِالْعُرُوضِ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَالِهِ بِنِصْفِ مَا لِلْآخَرِ ثُمَّ عَقَدَا الشَّرِكَةَ) لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَالِهِ بِنِصْفِ مَا لِلْآخَرِ صَارَ نِصْفُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَضْمُونًا عَلَى الْآخَرِ بِالثَّمَنِ فَكَانَ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ رِبْحَ مَالٍ مَضْمُونٍ فَيَكُونُ الْعَقْدُ صَحِيحًا. قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهَذِهِ شَرِكَةُ مِلْكٍ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْعُرُوضَ لَا تَصْلُحُ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ) وَاسْتَشْكَلَهُ الشَّارِحُونَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالشَّرِكَةِ شَرِكَةَ الْمِلْكِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى قَوْلِهِ ثُمَّ عَقَدَا الشَّرِكَةَ، وَبِأَنَّ الْعُرُوضَ لَا تَصْلُحُ رَأْسَ مَالِ الشَّرِكَةِ إذَا لَمْ يَبِعْ أَحَدُهُمَا نِصْفَ عَرْضِهِ بِنِصْفِ عَرْضِ الْآخَرِ، أَمَّا إذَا بَاعَ فَهُوَ الْحِيلَةُ فِي جَوَازِهِ. ثُمَّ أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ ثُمَّ عَقْدُ الشَّرِكَةِ عَقْدُ شَرِكَةِ مِلْكٍ حَتَّى يَصِحَّ قَوْلُهُ وَهَذِهِ شَرِكَةُ مِلْكٍ وَهُوَ بَعِيدٌ، لِأَنَّ غَرَضَ الْقُدُورِيِّ بَيَانُ الْحِيلَةِ فِي تَجْوِيزِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ بِالْعُرُوضِ.

وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ أَنَّهَا شَرِكَةُ مِلْكٍ وَإِنْ عَقَدَا الشَّرِكَةَ، لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ كَلَا عَقْدَ لِكَوْنِ رَأْسِ الْمَالِ عَرْضًا، وَنَظْمُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا يُسَاعِدُهُ، وَأَنَا أَذْكُرُ لَك مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ شَيْخِي الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ لِأَنَّهُ حَلٌّ مُفِيدٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى. قَالَ: عَدَمُ جَوَازِ الشَّرِكَةِ بِالْعُرُوضِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ كَمَا بَيَّنَّا، وَالثَّانِي جَهَالَةُ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ عَرْضِهِ بِنِصْفِ عَرْضِ الْآخَرِ ثُمَّ عَقَدَا الشَّرِكَةَ قَالَ الْقُدُورِيُّ يَجُوزُ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَصَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَصَاحِبُ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْمُزَنِيُّ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>