وَالْوَاجِبَاتُ لَا تَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ كَالرَّمْيِ إلَى الْحَرْبِيِّ، وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَا الْتِزَامَ وَلَا وُجُوبَ، إذْ هُوَ مَنْدُوبٌ إلَى الْعَفْوِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْإِطْلَاقِ فَأَشْبَهَ الِاصْطِيَادَ.
بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ
قَالَ: (وَمَنْ قُتِلَ وَلَهُ ابْنَانِ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ فَأَقَامَ الْحَاضِرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْقَتْلِ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْبَيِّنَةَ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ،
الْمَسَائِلِ: يَعْنِي الْبَزَّاغَ وَالْحَجَّامَ فَإِنَّ الْفِعْلَ يَجِبُ عَلَيْهِمَا بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ (وَالْوَاجِبَاتُ لَا تَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ كَالرَّمْيِ إلَى الْحَرْبِيِّ وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ) مِنْ الِاسْتِيفَاءِ (لَا وُجُوبَ وَلَا الْتِزَامَ) إذْ الْعَفْوُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْإِطْلَاقِ: أَيْ الْإِبَاحَةِ فَأَشْبَهَ الِاصْطِيَادَ، وَلَوْ رَمَى إلَى صَيْدٍ فَأَصَابَ إنْسَانًا ضَمِنَ كَذَا هَذَا، وَطُولِبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ، وَمُعَلِّمٍ ضَرَبَ الصَّبِيَّ بِإِذْنِ الْأَبِ فَمَاتَ، وَقَاطِعِ يَدِ حَرْبِيٍّ أَوْ مُرْتَدٍّ أَسْلَمَ بَعْدَ الْقَطْعِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَالْمُسْتَعِيرِ لِلرُّكُوبِ إذَا نَفَقَتْ الدَّابَّةُ مِنْهُ، وَعَلَى الْمُعَلِّمِ وَالْقَاطِعِ ضَمَانٌ، وَهَاهُنَا يَجِبُ إذَا سَرَى.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُولَى حَصَلَ سَبَبُ الْهَلَاكِ بِالْإِذْنِ فَيَنْتَقِلُ الْفِعْلُ إلَى الْإِذْنِ، وَلَوْ أَهْلَكَ الْمَالِكُ دَابَّتَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَكَذَا إذَا أَذِنَ بِسَبَبِ الْهَلَاكِ، وَالْأَبُ إذَا قَتَلَ ابْنَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا، بِخِلَافِ الْمُقْتَصِّ لَهُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِالْمِلْكِ دُونَ الْإِذْنِ، وَلَمَّا قَطَعَ وَسَرَى كَانَ الْقَطْعُ قَتْلًا وَلَيْسَ لَهُ مِلْكُ الْقَتْلِ فَكَانَ تَصَرُّفًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ وَهُوَ يُوجِبُ الضَّمَانَ. وَأَمَّا الرَّابِعُ فَلِأَنَّ الْقَطْعَ مَعَ السِّرَايَةِ يَصِيرُ قَتْلًا مِنْ الِابْتِدَاءِ، وَلَوْ قَتَلَ ابْتِدَاءً وَقَعَ الْقَتْلُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فِي مُبَاحِ الدَّمِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ، فَكَذَا إذَا صَارَ قَتْلًا مِنْ الِابْتِدَاءِ لِأَنَّهُ مُسْتَنِدٌ إلَى ابْتِدَاءِ الْقَطْعِ.
(بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ) الْقَتْلُ بَعْدَ تَحَقُّقِهِ رُبَّمَا يُجْحَدُ فَيَحْتَاجُ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ إلَى إثْبَاتِهِ بِالْبَيِّنَةِ فَبَيَّنَ الشَّهَادَةَ فِيهِ فِي بَابٍ عَلَى حِدَةٍ (وَمَنْ قُتِلَ وَلَهُ ابْنَانِ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ فَأَقَامَ الْحَاضِرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْقَتْلِ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْبَيِّنَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute