وَالنَّائِمُ عَدِيمُ الِاخْتِيَارِ.
(وَطَلَاقُ الْمُكْرَهِ وَاقِعٌ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، هُوَ يَقُولُ إنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُجَامِعُ الِاخْتِيَارَ وَبِهِ يُعْتَبَرُ التَّصَرُّفُ الشَّرْعِيُّ، بِخِلَافِ الْهَازِلِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِي التَّكَلُّمِ بِالطَّلَاقِ. وَلَنَا أَنَّهُ قَصَدَ إيقَاعَ الطَّلَاقِ فِي مَنْكُوحَتِهِ فِي حَالِ أَهْلِيَّتِهِ فَلَا يَعْرَى عَنْ قَضِيَّتِهِ دَفْعًا لِحَاجَتِهِ اعْتِبَارًا بِالطَّائِعِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ عَرَفَ الشَّرَّيْنِ وَاخْتَارَ أَهْوَنَهُمَا، وَهَذَا آيَةُ الْقَصْدِ
وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ النَّفَاذُ دُونَ الْحِلِّ الَّذِي يُقَابِلُ الْحُرْمَةَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَا يُوصَفُ بِالْحُرْمَةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ، وَالنُّفُوذُ بِالْوُقُوعِ، فَمَعْنَاهُ: كُلُّ طَلَاقٍ نَافِذٌ إلَّا طَلَاقَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَلِأَنَّ أَهْلِيَّةَ التَّصَرُّفِ بِالْعَقْلِ الْمُمَيِّزِ وَلَا عَقْلَ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، أَمَّا الْمَجْنُونُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَلِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا هُوَ الْمُعْتَدِلُ مِنْهُ، وَالصَّبِيُّ وَإِنْ اتَّصَفَ بِالْعَقْلِ حَتَّى صَحَّ إسْلَامُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَدِلٍ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيمَا لَهُ فِيهِ مَضَرَّةٌ، (وَالنَّائِمُ عَدِيمُ الِاخْتِيَارِ) فِي التَّكَلُّمِ، وَشَرْطُ التَّصَرُّفِ الِاخْتِيَارُ فِيهِ
، (وَطَلَاقُ الْمُكْرَهِ وَاقِعٌ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، هُوَ يَقُولُ: إنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُجَامِعُ الِاخْتِيَارَ) لِإِفْسَادِهِ إيَّاهُ، وَاعْتِبَارُ التَّصَرُّفِ الشَّرْعِيِّ إنَّمَا هُوَ بِالِاخْتِيَارِ (بِخِلَافِ الْهَازِلِ فَإِنَّهُ مُخْتَارٌ) فَكَانَ شَرْطُ التَّصَرُّفِ فِيهِ مَوْجُودًا، وَقُيِّدَ بِقَوْلِهِ فِي التَّكَلُّمِ بِالطَّلَاقِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ ذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ لِامْرَأَتِهِ: اسْقِنِي فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُخْتَارًا لِحُكْمِهِ لِكَوْنِهِ مُخْتَارًا فِي التَّكَلُّمِ؟ (وَلَنَا أَنَّهُ قَصَدَ إيقَاعَ الطَّلَاقِ فِي مَنْكُوحَتِهِ فِي حَالِ أَهْلِيَّتِهِ فَلَا يَعْرَى عَنْ قَضِيَّتِهِ) أَيْ: حُكْمِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنْ عِلَّتِهِ. وَقَوْلُهُ: قَصَدَ إيقَاعَ الطَّلَاقِ احْتِرَازٌ عَنْ الْإِقْرَارِ بِهِ مُكْرَهًا فَإِنَّهُ لَغْوٌ لِكَوْنِهِ خَبَرًا يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ، وَقِيَامُ السَّيْفِ عَلَى رَأْسِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَاذِبٌ فِيهِ، وَالْمُخْبَرُ عَنْهُ إذْ كَانَ كَذِبًا فَبِالْإِخْبَارِ عَنْهُ لَا يَصِيرُ صِدْقًا. وَقَوْلُهُ: فِي حَالِ أَهْلِيَّتِهِ احْتِرَازٌ عَنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ.
وَتَقْرِيرُ حُجَّتِهِ أَنَّ الْمُكْرَهَ قَصَدَ إيقَاعَ الطَّلَاقِ فِي مَنْكُوحَتِهِ فِي حَالِ أَهْلِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ عَرَفَ الشَّرَّيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute