بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَهُوَ عَلَيْهِمَا. وَالْمُعَامَلَةُ عَلَى قِيَاسُ هَذَا مَا كَانَ قَبْلَ إدْرَاكِ الثَّمَرِ مِنْ السَّقْيِ وَالتَّلْقِيحِ وَالْحِفْظِ فَهُوَ عَلَى الْعَامِلِ، وَمَا كَانَ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ كَالْجَدَادِ وَالْحِفْظِ فَهُوَ عَلَيْهِمَا؛ وَلَوْ شَرَطَ الْجَدَادَ عَلَى الْعَامِلِ لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهُ لَا عُرْفَ فِيهِ.
وَمَا كَانَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَهُوَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ مَالٌ مُشْتَرَكٌ وَلَا عَقْدَ، وَلَوْ شَرَطَ الْحَصَادَ فِي الزَّرْعِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ لِعَدَمِ الْعُرْفِ فِيهِ، وَلَوْ أَرَادَا فَصْلَ الْقَصِيلِ أَوْ جَدَّ التَّمْرِ بُسْرًا أَوْ الْتِقَاطَ الرُّطَبِ فَذَلِكَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا أَنْهَيَا الْعَقْدَ لَمَّا عَزَمَا عَلَى الْفَصْلِ وَالْجَدَادِ بُسْرًا فَصَارَ كَمَا بَعْدَ الْإِدْرَاكِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ
(قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْمُسَاقَاةُ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَرِ بَاطِلَةٌ، وَقَالَا: جَائِزَةٌ إذَا ذَكَرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَسَمَّى جُزْءًا مِنْ الثَّمَرِ مُشَاعًا)
كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَنْ مِلْكِ الْآخَرِ فَكَانَ التَّدْبِيرُ فِي مِلْكِهِ إلَيْهِ خَاصَّةً (وَالْمُعَامَلَةُ قِيَاسُ هَذَا) أَيْ الْمُسَاقَاةُ أَيْضًا عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُ مَالٌ مُشْتَرَكٌ) سَمَّاهُ مُشْتَرَكًا بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ. وَقِيلَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَجْمُوعَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بَيْنَهُمَا؛ أَلَا تَرَى أَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فِي قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الْقَرْيَةِ.
كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ:
كَانَ مِنْ حَقِّ الْمُسَاقَاةِ التَّقْدِيمُ عَلَى الْمُزَارَعَةِ لِكَثْرَةِ مَنْ يَقُولُ بِجَوَازِهَا، وَلِوُرُودِ الْأَحَادِيثِ فِي مُعَامَلَةِ النَّبِيِّ ﷺ أَهْلُ خَيْبَرَ، إلَّا أَنَّ اعْتِرَاضَ مُوجِبَيْنِ صَوَّبَ إيرَادَ الْمُزَارَعَةِ قَبْلَ الْمُسَاقَاةِ: أَحَدُهُمَا شِدَّةُ الِاحْتِيَاجِ إلَى مَعْرِفَةِ أَحْكَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute