قَالَ (وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي السَّمَكِ الْمَالِحِ وَزْنًا مَعْلُومًا وَضَرْبًا مَعْلُومًا) لِأَنَّهُ مَعْلُومُ الْقَدْرِ مَضْبُوطُ الْوَصْفِ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ إذْ هُوَ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ (وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ عَدَدًا) لِلتَّفَاوُتِ. قَالَ (وَلَا خَيْرَ فِي السَّلَمِ فِي السَّمَكِ الطَّرِيِّ إلَّا فِي حِينِهِ وَزْنًا مَعْلُومًا وَضَرْبًا مَعْلُومًا) لِأَنَّهُ يَنْقَطِعُ فِي زَمَانِ الشِّتَاءِ، حَتَّى لَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ لَا يَنْقَطِعُ يَجُوزُ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا يَجُوزُ وَزْنًا لَا عَدَدًا لِمَا ذَكَرْنَا.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي لَحْمِ الْكِبَارِ مِنْهَا وَهِيَ الَّتِي تُقَطَّعُ اعْتِبَارًا بِالسَّلَمِ فِي اللَّحْمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
بَاقٍ بِبَقَائِهَا كَالْعَبْدِ الْآبِقِ. وَفِي قَوْلِهِ وَالْعَجْزُ الطَّارِئُ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ إشَارَةٌ إلَى جَوَابِ زُفَرَ عَنْ قِيَاسِهِ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ عَلَى هَلَاكِ الْمَبِيعِ فِي الْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ وَفِي ذَلِكَ يَبْطُلُ الْبَيْعُ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْعَجْزَ عَنْ التَّسْلِيمِ إذَا كَانَ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ لَا يَكُونُ كَالْعَجْزِ بِالْهَلَاكِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنِ الزَّوَالِ عَادَةً فَكَانَ الْقِيَاسُ فَاسِدًا.
قَالَ (وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي السَّمَكِ الْمَالِحِ إلَخْ) السَّلَمُ فِي السَّمَكِ لَا يَجُوزُ عَدَدًا طَرِيًّا كَانَ أَوْ مَالِحًا لِلتَّفَاوُتِ، وَوَزْنًا إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَالِحِ أَوْ الطَّرِيِّ، فَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِحِ جَازَ فِي ضَرْبٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ لِكَوْنِهِ مَضْبُوطَ الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ لِعَدَمِ انْقِطَاعِهِ. وَإِنْ كَانَ فِي الطَّرِيِّ إنْ كَانَ فِي حِينِهِ جَازَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ حِينِهِ لَمْ يَجُزْ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ لَا يَنْقَطِعُ جَازَ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي لَحْمِ الْكِبَارِ الَّتِي تُقْطَعُ اعْتِبَارًا بِالسَّلَمِ فِي اللَّحْمِ فِي الِاخْتِلَافِ بِالسِّمَنِ وَالْهُزَالِ. وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّ السِّمَنَ وَالْهُزَالَ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فِيهِ فَصَارَ كَالصِّغَارِ. قِيلَ يُقَالُ سَمَكٌ مَلِيحٌ وَمَمْلُوحٌ وَلَا يُقَالُ مَالِحٌ إلَّا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ وَهُوَ الْمُقَدَّدُ الَّذِي فِيهِ مِلْحٌ وَلَا مُعْتَبَرَ بِقَوْلِ الرَّاجِزِ: بَصْرِيَّةٌ تَزَوَّجَتْ بَصْرِيًّا يُطْعِمُهَا الْمَالِحَ وَالطَّرِيَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute