(فَصْلٌ آخَرٌ)
قَالَ (فَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَلْفٌ بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهَا بَزًّا فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْأَلْفَيْنِ عَبْدًا فَلَمْ يَنْقُدْهُمَا حَتَّى
قِيمَتِهِ مَصْبُوغًا وَغَيْرَ مَصْبُوغٍ فَمَا بَيْنَهُمَا حِصَّةُ الصَّبْغِ إنْ بَاعَهُ مُسَاوَمَةً، وَإِنْ بَاعَهُ مُرَابَحَةً قَسَمَ الثَّمَنَ هَذَا عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى الْمُضَارِبُ الثَّوْبَ بِهِ، وَعَلَى قِيمَةِ الصَّبْغِ فَمَا بَيْنَهُمَا حِصَّةُ الصَّبْغِ وَالْبَاقِي عَلَى الْمُضَارَبَةِ، بِخِلَافِ الْقَصَارَةِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْحَمْلِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعَيْنِ مَالٍ قَائِمٍ بِالثَّوْبِ وَلَمْ يَزِدْ بِهِ شَيْءٌ، وَلِهَذَا إذَا فَعَلَهُ الْغَاصِبُ فَازْدَادَ الْقِيمَةُ بِهِ ضَاعَ فِعْلُهُ وَكَانَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ ثَوْبَهُ مَجَّانًا، وَإِذَا صَبَغَ الْمَغْصُوبَ لَمْ يَضَعْ بَلْ يَتَخَيَّرُ رَبُّ الثَّوْبِ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ لَا يَوْمَ الِاتِّصَالِ بِثَوْبِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ جَمِيعَ قِيمَةِ الثَّوْبِ أَبْيَضَ يَوْمَ صَبْغِهِ وَتَرَكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ الْغَاصِبُ كَذَلِكَ فَالْمُضَارِبُ لَا يَكُونُ أَقَلَّ حَالًا مِنْهُ.
فَإِنْ قِيلَ: الْمُضَارِبُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةُ الصَّبْغِ كَانَ بِهِ مُخَالِفًا غَاصِبًا فَيَجِبُ أَنْ يَضْمَنَ كَالْغَاصِبِ بِلَا تَفَاوُتٍ بَيْنَهُمَا أُجِيبَ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مُضَارِبٍ قِيلَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك وَذَلِكَ يَتَنَاوَلُ الْخَلْطَ وَبِالصَّبْغِ اخْتَلَطَ مَالُهُ بِمَالِ الْمُضَارِبِ فَصَارَ شَرِيكًا فَلَمْ يَكُنْ غَاصِبًا فَلَا يَضْمَنُ، وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قِيلَ الْمُضَارِبُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا بِهَذَا الْفِعْلِ أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا وَقَعَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَمِنَ الْمُضَارِبُ كَالْغَاصِبِ لِمَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ غَاصِبًا لَكِنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِدَانَةً عَلَى الْمَالِكِ وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ.
(فَصْلٌ آخَرُ)
هَذِهِ مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ تَتَعَلَّقُ بِمَسَائِلِ الْمُضَارَبَةِ فَذَكَرَهَا فِي فَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ.
قَالَ (فَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَلْفٌ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَاضِحٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute