للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

(وَيُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَعْبَثَ بِثَوْبِهِ أَوْ بِجَسَدِهِ) لِقَوْلِهِ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا، وَذَكَرَ مِنْهَا الْعَبَثَ فِي الصَّلَاةِ» وَلِأَنَّ الْعَبَثَ خَارِجَ الصَّلَاةِ حَرَامٌ فَمَا ظَنُّك فِي الصَّلَاةِ (وَلَا يُقَلِّبُ الْحَصَى) لِأَنَّهُ نَوْعُ عَبَثٍ (إلَّا أَنْ لَا يُمَكِّنَهُ مِنْ السُّجُودِ فَيُسَوِّيَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً) لِقَوْلِهِ «مَرَّةً يَا أَبَا ذَرٍّ وَإِلَّا فَذَرْ» وَلِأَنَّ فِيهِ

أَمَّا النِّسَاءُ فَيُصَفِّقْنَ يَضْرِبْنَ بِظُهُورِ أَصَابِعِ الْيَدِ الْيُمْنَى عَلَى صَفْحَةِ الْكَفِّ الْيُسْرَى لِمَا مَرَّ أَنَّ لَهُنَّ التَّصْفِيقَ؛ لِأَنَّ فِي صَوْتِهِنَّ فِتْنَةً فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُنَّ التَّسْبِيحُ.

فَصْلٌ مَا يُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي عَمَّا يُفْسِدُ صَلَاتَهُ

وَأَخَّرَهُ ذِكْرًا لِقُوَّةِ الْمُفْسِدِ (وَيُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَعْبَثَ بِثَوْبِهِ) قَالَ بَدْرُ الدِّينِ الْكَرْدَرِيُّ: الْعَبَثُ الْفِعْلُ الَّذِي فِيهِ غَرَضٌ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِشَرْعِيٍّ، وَالسَّفَهُ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ أَصْلًا. وَقَالَ حُمَيْدُ الدِّينِ: الْعَبَثُ كُلُّ عَمَلٍ لَيْسَ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَلَا نِزَاعَ فِي الِاصْطِلَاحِ، وَلَمَّا كَانَ الْعَبَثُ بِالثَّوْبِ أَوْ الْجَسَدِ أَكْثَرَ وُقُوعًا قَدَّمَهُ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِمَا قِيلَ إنَّمَا قَدَّمَهُ؛ لِأَنَّهُ كُلِّيٌّ يَشْمَلُ مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْعَبَثَ بِالثَّوْبِ لَا يَشْمَلُ مَا بَعْدَهُ مِنْ تَقْلِيبِ الْحَصَى وَغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ «إنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا» وَذَكَرَ مِنْهَا الْعَبَثَ فِي الصَّلَاةِ، وَالْبَاقِيَانِ هُوَ الرَّفَثُ فِي الصَّوْمِ وَالضَّحِكُ فِي الْمَقَابِرِ.

وَقَوْلُهُ: (؛ لِأَنَّ الْعَبَثَ خَارِجَ الصَّلَاةِ حَرَامٌ فَمَا ظَنُّك فِي الصَّلَاةِ) قِيلَ فَعَلَى هَذَا كَانَ كَالْقَهْقَهَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفْسِدَ الصَّلَاةَ، وَهُوَ سَاقِطٌ؛ لِأَنَّ إفْسَادَ الْقَهْقَهَةِ لِفَسَادِ الضَّوْءِ بِهَا وَلَيْسَ فِي الْعَبَثِ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: (وَلَا يُقَلِّبُ الْحَصَى) ظَاهِرٌ قِيلَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ يُفِيدُ الْمُصَلِّيَ لَا بَأْسَ بِهِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ عَرِقَ فِي صَلَاتِهِ لَيْلَةً فَسَلَتَ الْعَرَقَ عَنْ جَبِينِهِ»: أَيْ مَسَحَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُؤْذِيهِ فَكَانَ مُفِيدًا، وَإِذَا قَامَ مِنْ سُجُودِهِ فِي الصَّفِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>