للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدٍ .

قَالَ (وَلَا بَيْعُ لَبَنِ امْرَأَةٍ فِي قَدَحٍ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ مَشْرُوبٌ طَاهِرٌ، وَلَنَا أَنَّهُ جُزْءُ الْآدَمِيِّ وَهُوَ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ مُكَرَّمٌ

الْمَحَلُّ لَمَا جَازَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِعْتَاقَ إبْطَالُ الْمِلْكِ وَهُوَ يُلَائِمُ النَّوَى بِالْإِبَاقِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فِيهِ فَإِنَّهُ إثْبَاتُهُ، وَالنَّوَى يُنَافِيهِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْعَقْدَ يَتِمُّ إذَا لَمْ يُفْسَخْ، وَالْبَائِعُ إنْ امْتَنَعَ عَنْ تَسْلِيمِهِ وَالْمُشْتَرِي عَنْ قَبْضِهِ أُجْبِرَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ انْعَقَدَ لِقِيَامِ الْمَالِيَّةِ لِأَنَّ مَالَ الْمَوْلَى لَا يَزُولُ بِالْإِبَاقِ وَلِهَذَا جَازَ إعْتَاقُهُ وَتَدْبِيرُهُ، وَالْمَانِعُ وَهُوَ الْعَجْزُ عَنْ التَّسْلِيمِ قَدْ ارْتَفَعَ فَتَحَقَّقَ الْمُقْتَضَى وَانْتَفَى الْمَانِعُ فَيَجُوزُ وَصَارَ كَمَا إذَا أَبَقَ الْعَبْدُ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَهَكَذَا يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدٍ وَبِهِ أَخَذَ الْكَرْخِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ مَشَايِخِنَا. وَأَمَّا إذَا رَفَعَهُ الْمُشْتَرِي إلَى الْقَاضِي وَطَلَبَ مِنْهُ التَّسْلِيمَ وَعَجَزَ الْبَائِعُ عَنْهُ وَفَسَخَ الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ ظَهَرَ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى بَيْعٍ جَدِيدٍ.

قَالَ (وَلَا لَبَنِ امْرَأَةٍ فِي قَدَحٍ) قَيَّدَ بِقَوْلِهِ فِي قَدَحٍ لِدَفْعِ مَا عَسَى أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ بَيْعَهُ فِي الضَّرْعِ لَا يَجُوزُ كَسَائِرِ أَلْبَانِ الْحَيَوَانَاتِ، وَفِي الْقَدَحِ يَجُوزُ فَقَالَ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي قَدَحٍ. وَجَوَّزَ الشَّافِعِيُّ بَيْعَهُ لِأَنَّهُ مَشْرُوبٌ طَاهِرٌ وَبَيْعُ مِثْلِهِ جَائِزٌ كَسَائِرِ الْأَلْبَانِ، وَعَقَّبَ بِقَوْلِهِ طَاهِرًا احْتِرَازًا عَنْ الْخَمْرِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِطَاهِرَةٍ. وَلَنَا أَنَّهُ جُزْءُ الْآدَمِيِّ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَثْبَتَ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ لِمَعْنَى الْبَعْضِيَّةِ، وَجُزْءُ الْآدَمِيِّ لَيْسَ بِمَالٍ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَتَمَوَّلُونَهُ وَمَا لَيْسَ بِمَالٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ. وَعُورِضَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ جُزْءُ الْآدَمِيِّ لَكَانَ مَضْمُونًا بِالْإِتْلَافِ كَبَقِيَّةِ أَجْزَاءِ الْآدَمِيِّ. أُجِيبَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْأَجْزَاءَ تُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ بَلْ الْمَضْمُونُ مَا انْتَقَصَ مِنْ الْأَصْلِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْجُرْحَ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْبُرْءُ يَسْقُطُ الضَّمَانُ وَكَذَا السِّنُّ إذَا نَبَتَتْ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْآدَمِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>