(فَصْلٌ فِي التَّخَارُجِ)
(وَإِذَا كَانَتِ الشَّرِكَةُ بَيْنَ وَرَثَةٍ فَأَخْرَجُوا أَحَدَهُمْ مِنْهَا بِمَالٍ أَعْطَوْهُ إِيَّاهُ وَالتَّرِكَةُ عَقَارٌ أَوْ عُرُوضٌ جَازَ قَلِيلًا كَانَ مَا أَعْطَوْهُ إِيَّاهُ أَوْ كَثِيرًا) لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ بَيْعًا. وَفِيهِ أَثَرُ عُثْمَانَ، فَإِنَّهُ صَالَحَ تَمَاضُرَ الْأَشْجَعِيَّةَ امْرَأَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ﵁ عَنْ رُبُعِ ثَمَنِهَا عَلَى ثَمَانِينَ أَلْفِ دِينَارٍ.
قَبَضَ الْمُصَالِحُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ تَرْكَ الذِّكْرِ لِأَجْلِ الِاتِّفَاقِ.
وَقِيلَ وَلَيْسَ بِسَدِيدٍ: لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلشَّرِكَةِ فِي الْمَقْبُوضِ هُوَ الشَّرِكَةُ فِي دَيْنِ السَّلَمِ بِاتِّحَادِ الْعَقْدِ وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ فِيمَا خَلَطَا أَوْ لَمْ يَخْلِطَا.
التَّخَارُجُ تَفَاعُلٌ مِنْ الْخُرُوجِ، وَهُوَ أَنْ يَصْطَلِحَ الْوَرَثَةُ عَلَى إخْرَاجِ بَعْضِهِمْ مِنْ الْمِيرَاثِ بِمَالٍ مَعْلُومٍ.
وَوَجْهُ تَأْخِيرِهِ قِلَّةُ وُقُوعِهِ، فَإِنَّهُ قَلَّمَا يَرْضَى أَحَدٌ بِأَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْبَيْنِ بِغَيْرِ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ.
وَسَبَبُهُ طَلَبُ الْخَارِجِ مِنْ الْوَرَثَةِ ذَلِكَ عِنْدَ رِضَا غَيْرِهِ بِهِ، وَلَهُ شُرُوطٌ تُذْكَرُ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ، وَتَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ ذَكَرْنَاهُ فِي مُخْتَصَرِ الضَّوْءِ وَالرِّسَالَةِ.
قَالَ (وَإِذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ بَيْنَ وَرَثَةٍ فَأَخْرَجُوا أَحَدَهُمْ إلَخْ) وَإِذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ بَيْنَ وَرَثَةٍ فَأَخْرَجُوا أَحَدَهُمْ مِنْهَا بِمَالٍ أَعْطَوْهُ إيَّاهُ حَالَ كَوْنِ التَّرِكَةِ عَقَارًا أَوْ عُرُوضًا جَازَ قَلَّ مَا أَعْطَوْهُ أَوْ كَثُرَ، وَقَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ النُّقُودِ كَانَ هُنَاكَ شَرْطٌ سَنَذْكُرُهُ، وَهَذَا لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ بَيْعًا وَالْبَيْعُ يَصِحُّ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَمْ يَصِحَّ جَعْلُهُ إبْرَاءً لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ الْأَعْيَانِ غَيْرِ الْمَضْمُونَةِ لَا يَصِحُّ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ بَيْعًا لَشُرِطَ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِ حِصَّتِهِ مِنْ التَّرِكَةِ لِأَنَّ جَهَالَتَهُ تُفْسِدُ الْبَيْعَ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْجَهَالَةَ الْمُفْضِيَةَ إلَى النِّزَاعِ تُفْسِدُ الْبَيْعَ لِامْتِنَاعِهِ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute