الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ ثَوَابَ عَمَلِهِ لِغَيْرِهِ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا أَوْ صَدَقَةً أَوْ غَيْرَهَا عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، لِمَا رُوِيَ «عَنْ النَّبِيِّ ﵊ أَنَّهُ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَحَدَهُمَا عَنْ نَفْسِهِ
بَابُ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ)
:
لَمَّا كَانَ الْأَصْلُ فِي التَّصَرُّفَاتِ أَنْ تَقَعَ عَمَّنْ تَصْدُرُ مِنْهُ كَانَ الْحَجُّ عَنْ الْغَيْرِ خَلِيقًا بِأَنْ يُؤَخَّرَ فِي بَابٍ عَلَى حِدَةٍ وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ صَلَّى أَوْ صَامَ أَوْ تَصَدَّقَ فَجَعَلَ ثَوَابَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ جَازَ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى﴾ وَهَذَا لَيْسَ مِنْ سَعْيِهِ،؛ وَلِأَنَّ الثَّوَابَ هُوَ الْجَنَّةُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ تَمْلِيكُهَا لِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ لَهَا. وَقُلْنَا: لَمَّا جَعَلَ سَعْيَهُ لِلْغَيْرِ صَارَ سَعْيُهُ كَسَعْيِ الْغَيْرِ، وَلَهُ وِلَايَةُ أَنْ يَصِيرَ سَاعِيًا لِغَيْرِهِ وَأَنْ يَجْعَلَ اسْتِحْقَاقَهُ لِلْجَنَّةِ لِغَيْرِهِ. وَإِذَا ظَهَرَ هَذَا فَقَوْلُهُ (الْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ الْإِنْسَانَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ ثَوَابَ عَمَلِهِ) إشَارَةً إلَى أَنَّ ثَوَابَ الْحَجِّ لِلْآمِرِ بِجَعْلِ الْمَأْمُورِ كَذَلِكَ، وَأَمَّا نَفْسُ الْحَجِّ هَلْ يَقَعُ عَنْ الْآمِرِ أَوْ عَنْ الْمَأْمُورِ فَيَذْكُرُ بُعَيْدَ هَذَا مَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَغَيْرُهُ.
وَقَوْلُهُ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ) يُقَالُ كَبْشٌ أَمْلَحُ فِيهِ مُلْحَةٌ: وَهِيَ بَيَاضٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute