فَصْلُ الْجَوَارِحِ
قَالَ (وَيَجُوزُ الِاصْطِيَادُ بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ وَالْفَهْدِ وَالْبَازِي وَسَائِرُ الْجَوَارِحِ الْمُعَلَّمَةِ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: وَكُلُّ شَيْءٍ عَلَّمْته مِنْ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ فَلَا بَأْسَ بِصَيْدِهِ، وَلَا خَيْرَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ تُدْرِكَ ذَكَاتَهُ)
فَصْلُ فِي الْجَوَارِحِ)
قَدَّمَ فَصْلَ الْجَوَارِحِ عَلَى فَصْلِ الرَّمْيِ لِمَا أَنَّ آلَةَ الصَّيْدِ هَاهُنَا حَيَوَانٌ وَفِي الرَّمْيِ جَمَادٌ، وَلِلْفَاضِلِ تَقَدُّمٌ عَلَى الْمَفْضُولِ. قَالَ (وَيَجُوزُ الِاصْطِيَادُ بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ إلَخْ) يَجُوزُ الِاصْطِيَادُ بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ وَالْفَهْدِ الْمُعَلَّمِ وَالْبَازِي الْمُعَلَّمِ وَسَائِرِ الْجَوَارِحِ الْمُعَلَّمَةِ، وَهَذَا بِعُمُومِهِ يَتَنَاوَلُ الْأَسَدَ وَالذِّئْبَ وَالدُّبَّ وَالْخِنْزِيرَ، لَكِنَّ الْخِنْزِيرَ لِكَوْنِهِ نَجِسَ الْعَيْنِ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ مَعْلُومًا لِكُلِّ أَحَدٍ فَلَمْ يَسْتَثْنِهِ، وَالْبَاقِيَةُ إنْ أَمْكَنَ تَعْلِيمُهَا جَازَ الِاصْطِيَادُ بِهَا، لَكِنَّهُمْ قَالُوا: لَا يُمْكِنُ تَعْلِيمُ الْأَسَدِ وَالدُّبِّ لِأَنَّ مِنْ عَادَتِهِمَا أَنَّهُمَا إذَا أَمْسَكَا صَيْدًا لَا يَأْكُلَانِهِ فِي الْحَالِ، وَالتَّعَلُّمُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِتَرْكِ الْأَكْلِ فَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ تَرَكَ عَادَةً أَوْ تَعَلُّمًا، وَلِأَنَّ التَّعْلِيمَ لَأَنْ يُمْسِكَ لِلْغَيْرِ وَالْأَسَدُ لِعُلُوِّ هِمَّتِهِ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ وَالدُّبُّ لِخَسَاسَتِهِ، وَلِهَذَا اسْتَثْنَاهُمَا أَبُو يُوسُفَ ﵀، وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ الْحِدَأَةَ بِالدُّبِّ لِمَعْنَى الْخَسَاسَةِ، وَإِنَّمَا أَوْرَدَ رِوَايَةَ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَوْلِهِ: وَلَا خَيْرَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ: أَيْ فِيمَا سِوَى الْمُعَلَّمَةِ مِنْ ذِي النَّابِ وَالْمِخْلَبِ، فَإِنَّ رِوَايَةَ الْقُدُورِيِّ ﵀ تَدُلُّ عَلَى الْإِثْبَاتِ لَا غَيْرُ، وَرِوَايَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ تَدُلُّ عَلَى الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ جَمِيعًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute