(بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ)
(وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَأُخِذَ وَرِيحُهَا مَوْجُودَةٌ أَوْ جَاءُوا بِهِ سَكْرَانَ فَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ،
بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ:
إنَّمَا أَخَّرَ حَدَّ الشُّرْبِ عَنْ حَدِّ الزِّنَا؛ لِأَنَّ جَرِيمَةَ الزِّنَا أَشَدُّ مِنْ جَرِيمَةِ شُرْبِ الْخَمْرِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَتْلِ النَّفْسِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَرَنَ ذِكْرَهُ بِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَقَتْلِ النَّفْسِ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ﴾ وَلِهَذَا لَمْ يَحِلَّ فِي دَيْنٍ مِنْ الْأَدْيَانِ وَأَخَّرَ حَدَّ الْقَذْفِ عَنْ حَدِّ الشُّرْبِ لِمَا أَنَّ جَرِيمَةَ الشُّرْبِ مُتَيَقَّنٌ بِهَا، بِخِلَافِ جَرِيمَةِ الْقَذْفِ فَإِنَّ الْقَذْفَ خَبَرٌ مُحْتَمَلٌ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، وَلِهَذَا كَانَ ضَرْبُ حَدِّ الْقَذْفِ أَخَفَّ مِنْ ضَرْبِ حَدِّ الشُّرْبِ لِضَعْفٍ فِي ثُبُوتِ الْقَذْفِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ صَادِقًا فِي نِسْبَتِهِ إلَى الزِّنَا فَلَا يَكُونُ قَذْفًا (وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَأُخِذَ وَرِيحُهَا مَوْجُودَةٌ أَوْ جَاءُوا بِهِ سَكْرَانَ فَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الشَّارِبِ (بِذَلِكَ) أَيْ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَوُجُودِ الرَّائِحَةِ مِنْ بَابِ قَوْله تَعَالَى ﴿عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ (أَوْ شَهِدُوا عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ مَعَ مَجِيئِهِمْ بِهِ وَهُوَ سَكْرَانُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنْ لَا تُشْتَرَطَ الرَّائِحَةُ بَعْدَمَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِالسُّكْرِ مِنْ الْخَمْرِ، وَلَكِنْ الرِّوَايَاتُ فِي الشُّرُوحِ مُقَيَّدَةٌ بِوُجُودِ الرَّائِحَةِ فِي حَقِّ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى شَارِبِ الْخَمْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute