للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابُ كَفَالَةِ الْعَبْدِ وَعَنْهُ) (وَمَنْ ضَمِنَ عَنْ عَبْدٍ مَالًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْتِقَ وَلَمْ يُسَمِّ حَالًّا وَلَا غَيْرَهُ فَهُوَ حَالٌّ) لِأَنَّ الْمَالَ حَالٌّ عَلَيْهِ لِوُجُودِ السَّبَبِ وَقَبُولِ الذِّمَّةِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ لِعُسْرَتِهِ، إذْ جَمِيعُ مَا فِي يَدِهِ مِلْكُ الْمَوْلَى وَلَمْ يَرْضَ بِتَعَلُّقِهِ بِهِ وَالْكَفِيلُ غَيْرُ مُعْسِرٍ، فَصَارَ كَمَا إذَا كَفَلَ عَنْ غَائِبٍ أَوْ مُفْلِسٍ،

فَبِالْأَصَالَةِ: قِيلَ أَخْذُ الْمُعْتَقِ بِالْكَفَالَةِ تَصْحِيحٌ لِلْكَفَالَةِ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ وَهِيَ بَاطِلَةٌ. وَأَجَابُوا بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَ مُطَالَبًا بِجَمِيعِ الْأَلْفِ وَالْبَاقِي بَعْضُ ذَلِكَ فَيَبْقَى عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الْبَقَاءَ يَكُونُ عَلَى وَفْقِ الثُّبُوتِ، فَإِنْ أَخَذَ الَّذِي أَعْتَقَهُ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا أَدَّى؛ لِأَنَّهُ أَدَّاهُ عَنْهُ بِأَمْرِهِ، وَإِنْ أَخَذَ صَاحِبَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى عَنْ نَفْسِهِ

(بَابُ كَفَالَةِ الْعَبْدِ وَعَنْهُ)

حَقُّ هَذَا الْبَابِ التَّأْخِيرُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْحُرِّ، إمَّا لِشَرَفِهِ وَإِمَّا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي بَنِي آدَمَ هُوَ الْحُرِّيَّةُ، وَوَضْعُ تَرْتِيبِهِ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ كَفَالَةِ الْعَبْدِ فِي الْبَحْثِ، وَلَكِنْ اُعْتُبِرَ كَوْنُ الْوَاوِ لِلْجَمْعِ الْمُطْلَقِ وَفِيهِ مَا فِيهِ.

قَالَ (وَمَنْ ضَمِنَ عَنْ عَبْدٍ مَالًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَخْ) قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ صِفَةٌ لِمَالًا. وَجَوَابُ الْمَسْأَلَةِ قَوْلُهُ: فَهُوَ حَالٌّ وَعَدَلَ عَنْ عِبَارَةِ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَهِيَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْعَبْدِ الَّذِي يَسْتَهْلِكُ الْمَالَ الَّذِي لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْتِقَ فَضَمِنَهُ رَجُلٌ وَلَمْ يُسَمَّ حَالًّا وَلَا غَيْرَ حَالٍّ إلَى عِبَارَتِهِ فِي الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ مُحَمَّدٍ تَحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلٍ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إذَا اسْتَهْلَكَ الْمَالَ عِيَانًا يُؤْخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ.

قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: مُرَادُهُ إذَا أَقَرَّ بِالِاسْتِهْلَاكِ وَكَذَّبَهُ الْمَوْلَى. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مُرَادُهُ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ الْبَالِغُ إذَا أُودِعَ مَالًا فَاسْتَهْلَكَهُ فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ بَلْ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَأَمَّا عِبَارَتُهُ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَمَنْ ضَمِنَ عَنْ عَبْدٍ مَالًا لَا يَجِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>