للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا وَالْبَاقِلَاءِ فِي قِشْرِهِ) وَكَذَا الْأُرْزُ وَالسِّمْسِمُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْبَاقِلَاءِ الْأَخْضَرِ، وَكَذَا الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ وَالْفُسْتُقُ فِي قِشْرِهِ الْأَوَّلِ عِنْدَهُ. وَلَهُ فِي بَيْعِ السُّنْبُلَةِ قَوْلَانِ، وَعِنْدَنَا يَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ. لَهُ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَسْتُورٌ بِمَا لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهِ فَأَشْبَهَ تُرَابَ الصَّاغَةِ إذَا بِيعَ بِجِنْسِهِ.

عَلَيْهِ مَقْصُودًا مَعْلُومًا فَتَشَارَكَا فِي الْقَصْدِ وَالْعِلْمِ، فَمَا جَازَ أَنْ يَقَعَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ جَازَ أَنْ يُسْتَثْنَى وَبِالْعَكْسِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ بِكَذَا إلَّا قَفِيزًا مِنْهَا بِدِرْهَمٍ صَحَّ فِي جَمِيعِ الصُّبْرَةِ إلَّا فِي قَفِيزٍ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْقَطِيعَ مِنْ الْغَنَمِ إلَّا شَاةً مِنْهَا بِغَيْرِ عَيْنِهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مَا لَا يَجُوزُ إفْرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ بِعَيْنِهَا جَازَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ إفْرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي جَمِيعِ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ كَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ، بِخِلَافِ الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ فَإِنَّ اسْتِثْنَاءَ قَدْرٍ مِنْهُ وَإِيرَادَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ جَائِزٌ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ. قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ بِعْتُك هَذَا الْقَطِيعَ مِنْ الْغَنَمِ إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ بِعَيْنِهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَبَيْنَ قَوْلِهِ بِعْتُك هَذَا الْقَطِيعَ مِنْ الْغَنَمِ كُلَّهُ عَلَى أَنَّ لِي هَذِهِ الشَّاةَ الْوَاحِدَةَ مِنْهُ بِعَيْنِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ اسْتَثْنَى الشَّاةَ الْمُعَيَّنَةَ مِنْ الْقَطِيعِ مَعْنًى. وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمُسْتَثْنَى لِبَيَانِ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ كَمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ فَلَمْ يَكُنْ إفْرَادُهَا إخْرَاجًا بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ فَلَا جَهَالَةَ فِيهِ، وَأَمَّا فِي الشَّرْطِ فَلِأَنَّ الشَّاةَ دَخَلَتْ أَوَّلًا فِي الْجُمْلَةِ ثُمَّ خَرَجَتْ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ، وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ إلَّا عُشْرَهُ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ فِي تِسْعَةِ أَعْشَارِهِ، وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لِي عُشْرَهُ لَمْ يَصِحَّ. قِيلَ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: سَلَّمْنَا أَنَّ إيرَادَ الْعَقْدِ عَلَى الْأَرْطَالِ الْمَعْلُومَةِ وَاسْتِثْنَاءَهَا جَائِزٌ لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ جَوَازَ بَيْعِ الْبَاقِي وَهُوَ مَجْهُولٌ. وَالْجَوَابُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْبَاقِيَ مَجْهُولٌ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُسْتَثْنَى إذَا كَانَ مَعْلُومًا لَمْ تَسْرِ مِنْهُ جَهَالَةٌ إلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ إلَّا بِحَسَبِ الْوَزْنِ فَيَكُونُ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي مُجَازَفَةً وَهِيَ لَا تَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ الْمَبِيعِ.

قَالَ (وَيَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا) بَيْعُ الشَّيْءِ فِي غِلَافِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا بَيْعَ الْحُبُوبِ كَالْحِنْطَةِ وَالْبَاقِلَاءِ (وَالْأُرْزِ وَالسِّمْسِمِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْبَاقِلَاءِ الْأَخْضَرِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ فِي قِشْرِهِ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ) وَكَذَا بَيْعُ الْحِنْطَةِ فِي قَوْلِهِ الْجَدِيدِ، وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَسْتُورٌ بِمَا لَا مَنْفَعَةَ لَهُ، وَالْعَقْدُ فِي مِثْلِهِ لَا يَصِحُّ كَمَا إذَا بِيعَ تُرَابُ الصَّاغَةِ بِمِثْلِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>