للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْيَمِينِ فِي الْحَجِّ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ

(وَمَنْ قَالَ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ إلَى الْكَعْبَةِ فَعَلَيْهِ حِجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ مَاشِيًا وَإِنْ شَاءَ رَكِبَ وَأَهْرَاقَ دَمًا) وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ مَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ وَاجِبَةٍ وَلَا مَقْصُودَةٍ فِي الْأَصْلِ، مَأْثُورٌ عَنْ عَلِيٍّ . وَلِأَنَّ النَّاسَ تَعَارَفُوا إيجَابَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ عَلَيَّ زِيَارَةُ

(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْحَجِّ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ)

قَدَّمَ هَذَا الْبَابَ عَلَى بَابِ اللُّبْسِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ فِي هَذَا ذِكْرَ الْعِبَادَاتِ وَذِكْرُهَا مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ عَمَّا تَقَدَّمَ لِكَثْرَةِ وُقُوعِ ذَلِكَ. وَمَسَائِلُ هَذَا الْفَصْلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: فِي وَجْهٍ يَلْزَمُهُ إمَّا حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَفِي وَجْهٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَذَلِكَ، وَفِي وَجْهٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ.

أَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فَفِيمَا إذَا قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ إلَى الْكَعْبَةِ أَوْ إلَى مَكَّةَ. وَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ أَوْ إلَى بَكَّةَ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ فِي مَكَّةَ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَزِمَهُ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ مَاشِيًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ بِهَا وَاخْتَارَ الْحَجَّ يُحْرِمُ مِنْ الْحَرَمِ وَيَخْرُجُ إلَى عَرَفَاتٍ مَاشِيًا، فَإِنْ رَكِبَ لَزِمَهُ شَاةٌ، وَإِنْ اخْتَارَ الْعُمْرَةَ خَرَجَ إلَى التَّنْعِيمِ وَيُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ يَخْرُجُ إلَى التَّنْعِيمِ مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا. وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: جَازَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ وَقْتَ الرَّوَاحِ إلَى التَّنْعِيمِ لِأَنَّ الرَّوَاحَ إلَيْهِ لَيْسَ بِمَشْيٍ إلَى بَيْتِ اللَّهِ وَإِنَّمَا الْمَشْيُ إلَيْهِ وَقْتَ الرُّجُوعِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَمْشِي وَقْتَ الرَّوَاحِ أَيْضًا لِأَنَّ الرَّوَاحَ إلَيْهِ لِلْإِحْرَامِ فَكَانَ مَشْيًا إلَى بَيْتِ اللَّهِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ بِهَذَا النَّذْرِ شَيْءٌ (لِأَنَّهُ الْتَزَمَ مَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ وَاجِبَةٍ) لِأَنَّ الْمَشْيَ أَمْرٌ مُبَاحٌ (وَلَا مَقْصُودَةَ فِي الْأَصْلِ) يَعْنِي لِذَاتِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ شَيْءٌ آخَرُ لَا نَفْسُهُ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ النَّذْرُ بِهِ بَاطِلًا لَكِنْ تَرَكْنَاهُ بِالْأَثَرِ وَالْعُرْفِ. أَمَّا الْأَثَرُ فَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ: بَلَغَنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ الْحَجَّ مَاشِيًا حَجَّ رَاكِبًا وَذَبَحَ شَاةً لِرُكُوبِهِ. كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ، وَلَيْسَ بِمُطَابِقٍ لِمَا نَحْنُ فِيهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ الْحَجَّ مَاشِيًا بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ. وَقَالَ آخَرُونَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>