للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّينَ

قَالَ (وَإِذَا ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ شُبْهَةٌ كُشِفَتْ عَنْهُ) لِأَنَّهُ عَسَاهُ اعْتَرَتْهُ شُبْهَةٌ فَتُزَاحُ، وَفِيهِ دَفْعُ شَرِّهِ بِأَحْسَنِ الْأَمْرَيْنِ، إلَّا أَنَّ الْعَرْضَ عَلَى مَا قَالُوا غَيْرُ وَاجِبٍ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَةَ بَلَغَتْهُ. قَالَ (وَيُحْبَسُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا قُتِلَ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: الْمُرْتَدُّ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَبَى قُتِلَ) وَتَأْوِيلُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَسْتَمْهِلُ فَيُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ

بَابُ أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّينَ:

لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَحْكَامِ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَابِ أَحْكَامَ الْكُفْرِ الطَّارِئِ، لِأَنَّ الطَّارِئَ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ وُجُودِ الْأَصْلِيِّ وَكَلَامُهُ وَاضِحٌ. وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنَّ الْعَرْضَ عَلَى مَا قَالُوا غَيْرُ وَاجِبٍ) ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْإِيضَاحِ: وَيُسْتَحَبُّ عَرْضُ الْإِسْلَامِ عَلَى الْمُرْتَدِّينَ، هَكَذَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ لِأَنَّ رَجَاءَ الْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ ثَابِتٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الرِّدَّةَ كَانَتْ بِاعْتِرَاضِ شُبْهَةٍ. وَقَوْلُهُ (وَتَأْوِيلُ الْأَوَّلِ) يَعْنِي بِهِ قَوْلَهُ وَيُحْبَسُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (أَنَّهُ يُسْتَمْهَلُ) أَيْ يَطْلُبُ الْمُهْلَةَ فَيُحْبَسُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَطْلُبْ فَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ مُتَعَنِّتٌ فِي ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ، إلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُسْتَتَابَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ كَافِرٍ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ. فَإِنْ قِيلَ: تَقْدِيرُ الْمُدَّةِ هَاهُنَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ نَصَبَ الْحُكْمَ بِالرَّأْيِ فِيمَا لَا مَدْخَلَ لَهُ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَقَادِيرِ. أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ إثْبَاتِ الْحُكْمِ بِدَلَالَةِ النَّصِّ، لِأَنَّ وُرُودَ النَّصِّ فِي خِيَارِ الْبَيْعِ بِثَلَاثَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>