مَا قَبَضَتْ مِنْ الصَّدَاقِ لِتَفَاحُشِ الْجَهَالَةِ. وَلَا يَصْلُحُ بَدَلُ الصُّلْحِ عَنْ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بِشَيْءٍ مِنْ الْعُقُودِ. وَلَا يُبَاعُ الشِّرْبُ فِي دَيْنِ صَاحِبِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِدُونِ أَرْضٍ كَمَا فِي حَالِ حَيَاتِهِ، وَكَيْفَ يَصْنَعُ الْإِمَامُ؟ الْأَصَحُّ أَنْ يَضُمَّهُ إلَى أَرْضٍ لَا شِرْبَ لَهَا فَيَبِيعَهَا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا، ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ مَعَ الشِّرْبِ وَبِدُونِهِ فَيَصْرِفُ التَّفَاوُتَ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ اشْتَرَى عَلَى تَرِكَةِ الْمَيِّتِ أَرْضًا بِغَيْرِ شِرْبٍ، ثُمَّ ضَمَّ الشِّرْبَ إلَيْهَا وَبَاعَهُمَا فَيَصْرِفُ مِنْ الثَّمَنِ إلَى ثَمَنِ الْأَرْضِ وَيَصْرِفُ الْفَاضِلَ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ
(وَإِذَا) (سَقَى الرَّجُلُ أَرْضَهُ أَوْ مَخَرَهَا مَاءً) أَيْ مَلَأَهَا (فَسَالَ مِنْ مَائِهَا فِي أَرْضِ رَجُلٍ فَغَرَّقَهَا أَوْ نَزَّتْ أَرْضُ جَارِهِ مِنْ هَذَا الْمَاءِ) (لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا)؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِيهِ
كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ
مَا قَبَضَتْ مِنْ الْمَهْرِ، وَإِذَا جَعَلَهُ بَدَلَ الصُّلْحِ فَالْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ قِصَاصٍ، فَإِنْ كَانَ فَعَلَى الْقَاتِلِ الدِّيَةُ وَأَرْشُ الْجِرَاحَةِ وَقَوْلُهُ (وَالْأَصَحُّ) إشَارَةٌ إلَى وُجُودِ الِاخْتِلَافِ. فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ ﵏ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ قَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ قِيمَةِ الشِّرْبِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ السَّبِيلُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ لِلْمُقَوِّمِينَ إنَّ الْعُلَمَاءَ لَوْ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الشِّرْبِ بِكَمْ يُشْتَرَى هَذَا الشِّرْبُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُضَمُّ هَذَا الشِّرْبُ إلَى جَرِيبٍ مِنْ الْأَرْضِ مِنْ أَقْرَبِ مَا يَكُونُ مِنْ هَذَا الشِّرْبِ وَيُنْظَرُ بِكَمْ يُشْتَرَى مَعَ الشِّرْبِ وَبِكَمْ يُشْتَرَى بِدُونِ الشِّرْبِ فَيَكُونُ فَضْلُ مَا بَيْنَهُمَا قِيمَةَ الشِّرْبِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ يَتَّخِذُ حَوْضًا وَيَجْمَعُ ذَلِكَ الْمَاءَ فِيهِ فِي كُلِّ نَوْبَةٍ ثُمَّ يَبِيعُ الْمَاءَ الَّذِي جَمَعَهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ يَقْضِي دَيْنَهُ بِذَلِكَ. وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ ﵀ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ.
وَقَوْلُهُ (أَوْ مَخَرَهَا) قَالَ فِي الصِّحَاحِ مَخَرْت الْأَرْضَ: أَيْ أَرْسَلْت الْمَاءَ فِيهَا. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِيهِ) يَلُوحُ إلَيَّ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا ضَمِنَ. وَعَدَمُ التَّعَدِّي إنَّمَا يَكُونُ إذَا سَقَى أَرْضَهُ سَقْيًا يُسْقَى مِثْلُهُ فِي الْعَادَةِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي نَوْبَتِهِ. وَقِيلَ إنْ كَانَ جَارُهُ تَقَدَّمَ إلَيْهِ بِالْأَحْكَامِ ضَمِنَ. وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَمْ يَضْمَنْ اعْتِبَارًا بِالْحَائِطِ الْمَائِلِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ):
ذَكَرَ الْأَشْرِبَةَ بَعْدَ الشِّرْبِ لِأَنَّهُمَا شُعْبَتَا عِرْقٍ وَاحِدٍ لَفْظًا وَمَعْنًى، وَقَدَّمَ الشِّرْبَ لِمُنَاسَبَتِهِ لِإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute