قَالَ (وَلَا بَيْعُ الْحَمْلِ وَلَا النِّتَاجِ) «لِنَهْيِ النَّبِيِّ ﵊ عَنْ بَيْعِ الْحَبَلِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ» وَلِأَنَّ فِيهِ غَرَرًا.
(وَلَا اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ لِلْغَرَرِ) فَعَسَاهُ انْتِفَاخٌ، وَلِأَنَّهُ يُنَازَعُ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلْبِ، وَرُبَّمَا يَزْدَادُ فَيَخْتَلِطُ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ.
قَالَ (وَلَا الصُّوفُ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ) لِأَنَّهُ مِنْ أَوْصَافِ الْحَيَوَانِ، وَلِأَنَّهُ يَنْبُتُ مِنْ أَسْفَلَ فَيَخْتَلِطُ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ، بِخِلَافِ الْقَوَائِمِ؛ لِأَنَّهَا تَزِيدُ مِنْ أَعْلَى،
وَإِنْ بَاعَ طَيْرًا لَهُ يَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ إنْ كَانَ دَاجِنًا يَعُودُ إلَى بَيْتِهِ وَيَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ جَازَ بَيْعُهُ وَإِلَّا فَلَا
(وَلَا) يَجُوزُ (بَيْعُ الْحَمْلِ) أَيْ الْجَنِينِ (وَلَا نِتَاجِ الْحَمْلِ) وَهُوَ حَبَلُ الْحَبَلِ، " وَقَدْ «نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ بَيْعِ الْحَبَلِ وَحَبَلِ الْحَبَلِ». وَالنِّتَاجُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ نَتَجَتْ النَّاقَةُ بِالضَّمِّ وَلَكِنْ أُرِيدَ بِهِ الْمَنْتُوجُ هَاهُنَا. وَالْحَبَلُ مَصْدَرُ حَبِلَتْ الْمَرْأَةُ حَبَلًا فَهِيَ حُبْلَى فَسُمِّيَ بِهِ الْمَحْمُولُ كَمَا سُمِّيَ بِالْحَمْلِ، وَإِنَّمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ التَّاءُ إشْعَارًا لِمَعْنَى الْأُنُوثَةِ فِيهِ. قِيلَ مَعْنَاهُ: أَنْ يَبِيعَ مَا سَوْفَ يَحْمِلُهُ الْجَنِينُ إنْ كَانَ أُنْثَى، وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَعْتَادُونَ ذَلِكَ فَأَبْطَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَلِأَنَّ فِيهِ غَرَرًا وَهُوَ مَا طُوِيَ عَنْك عِلْمُهُ. قَالَ الْمُغْرِبُ فِي الْحَدِيثِ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ»: وَهُوَ الْخَطَرُ الَّذِي لَا يَدْرِي أَيَكُونُ أَمْ لَا كَبَيْعِ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ.
قَالَ (وَلَا اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ لِلْغَرَرِ إلَخْ) وَبَيْعُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ لَا يَجُوزُ لِوُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ لِلْغَرَرِ: لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الضَّرْعُ مُنْتَفِخًا يُظَنُّ لَبَنًا وَالْغَرَرُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَلِلنِّزَاعِ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلْبِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَسْتَقْصِي فِي الْحَلْبِ وَالْبَائِعُ يُطَالِبُهُ بِأَنْ يَتْرُكَ دَاعِيَةَ اللَّبَنِ وَلِأَنَّهُ يَزْدَادُ سَاعَةً فَسَاعَةً وَالْبَيْعُ لَمْ يَتَنَاوَلْ الزِّيَادَةَ لِعَدَمِهَا عِنْدَهُ فَيَخْتَلِطُ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ، وَاخْتِلَاطُ الْمَبِيعِ بِمَا لَيْسَ بِمَبِيعٍ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ تَمْيِيزُهُ مُبْطِلٌ لِلْبَيْعِ.
وَبَيْعُ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ لَا يَجُوزُ لِوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ أَوْصَافِ الْحَيَوَانِ لِأَنَّ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِالْحَيَوَانِ فَهُوَ وَصْفٌ مَحْضٌ، بِخِلَافِ مَا يَكُونُ مُتَّصِلًا بِالشَّجَرِ فَإِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute