بَابٌ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ
قَالَ: (وَمَنْ رَمَى مُسْلِمًا فَارْتَدَّ الْمَرْمِيُّ إلَيْهِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ ثُمَّ وَقَعَ بِهِ السَّهْمُ فَعَلَى الرَّامِي الدِّيَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَا: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ بِالِارْتِدَادِ أَسْقَطَ تَقَوُّمَ نَفْسِهِ فَيَكُونُ مُبْرِئًا لِلرَّامِي عَنْ مُوجِبِهِ كَمَا إذَا أَبْرَأَهُ بَعْدَ الْجُرْحِ قَبْلَ الْمَوْتِ. وَلَهُ أَنَّ الضَّمَانَ يَجِبُ بِفِعْلِهِ وَهُوَ الرَّمْيُ إذْ لَا فِعْلَ مِنْهُ بَعْدُ فَتُعْتَبَرُ حَالَةُ الرَّمْيِ وَالْمَرْمِيِّ إلَيْهِ فِيهَا مُتَقَوِّمٌ. وَلِهَذَا تُعْتَبَرُ حَالَةُ الرَّمْي فِي حَقِّ الْحِلِّ حَتَّى لَا يَحْرُمَ بِرِدَّةِ الرَّامِي بَعْدَ الرَّمْي، وَكَذَا فِي حَقِّ التَّكْفِيرِ حَتَّى جَازَ بَعْدَ
لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ صَدَقْتُمَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَدَقْت لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَمَعْنَاهُ أَنْتَ قَتَلْت وَحْدَك وَفِي ذَلِكَ تَكْذِيبُ الْآخَرِ فِي الْجَمِيعِ وَهُوَ تَكْذِيبٌ لَهُمَا.
(بَابٌ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ)
لَمَّا كَانَتْ الْأَحْوَالُ صِفَاتٍ لِذَوِيهَا ذَكَرَهَا بَعْدَ ذِكْرِ نَفْسِ الْقَتْلِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (وَمَنْ رَمَى مُسْلِمًا فَارْتَدَّ الْمَرْمِيُّ إلَيْهِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ ثُمَّ وَقَعَ بِهِ السَّهْمُ فَعَلَى الرَّامِي الدِّيَةُ لِوَرَثَةِ الْمُرْتَدِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَا: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِالِارْتِدَادِ أَسْقَطَ تَقَوُّمَ نَفْسِهِ وَذَلِكَ إبْرَاءٌ لِلضَّامِنِ) لِأَنَّ مَنْ أَخْرَجَ الْمُتَقَوِّمَ عَنْ التَّقَوُّمِ سَقَطَ حَقُّهُ كَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ إذَا أَعْتَقَ الْمَغْصُوبَ فَإِنَّهُ صَارَ مُبَرِّئًا لِلْغَاصِبِ عَنْ الضَّمَانِ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ وَصَارَ بِهِ مُبَرِّئًا (كَمَا إذَا أَبْرَأَهُ) أَيْ الرَّامِي عَنْ الْجِنَايَةِ أَوْ حَقِّهِ (بَعْدَ الْجَرْحِ) أَيْ انْعِقَادِ سَبَبِهِ وَهُوَ الرَّامِي قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ السَّهْمُ (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الضَّمَانَ يَجِبُ بِفِعْلِهِ وَهُوَ الرَّمْيُ إذْ لَا فِعْلَ مِنْهُ بَعْدَهُ) وَمَا هُوَ كَذَلِكَ فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ وَقْتُ الْفِعْلِ كَالْغَصْبِ (فَيُعْتَبَرُ حَالَةَ الرَّمْيِ وَالْمَرْمِيُّ إلَيْهِ فِيهَا مُتَقَوِّمٌ) وَاسْتَوْضَحَ اعْتِبَارَ وَقْتِ الرَّمْيِ بِمَا إذَا رَمَى صَيْدًا ثُمَّ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ ثُمَّ أَصَابَ فَإِنَّ رِدَّتَهُ بَعْدَ الرَّمْيِ لَا تَحْرُمُ لِأَنَّ فِعْلَهُ ذَكَاةٌ شَرْعًا وَقَدْ تَمَّ مُوجِبًا لِلْحِلِّ بِشَرْطِهِ وَهُوَ التَّسْمِيَةُ، وَبِمَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً فَكَفَّرَ بَعْدَ الرَّمْيِ قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَنْسَبُ مِمَّا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ حَتَّى جَازَ بَعْدَ الْجَرْحِ قَبْلَ الْمَوْتِ لِإِمْكَانِ اعْتِبَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute