للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالْعِدَّةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ عَقِيبَ التَّفْرِيقِ أَوْ عَزْمِ الْوَاطِئِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا) وَقَالَ زُفَرُ: مِنْ آخِرِ الْوَطَآتِ لِأَنَّ الْوَطْءَ هُوَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ. وَلَنَا أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ وُجِدَ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ يَجْرِي مَجْرَى الْوَطْأَةِ الْوَاحِدَةِ لِاسْتِنَادِ الْكُلِّ إلَى حُكْمِ عَقْدٍ وَاحِدٍ، وَلِهَذَا يُكْتَفَى فِي الْكُلِّ بِمَهْرٍ وَاحِدٍ، فَقِيلَ: الْمُتَارَكَةُ أَوْ الْعَزْمُ لَا تُثْبِتُ الْعِدَّةَ مَعَ جَوَازِ وُجُودِ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ التَّمَكُّنَ عَلَى وَجْهِ الشُّبْهَةِ

بِسُقُوطِهِ.

(وَالْعِدَّةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ عَقِيبَ التَّفْرِيقِ) بِأَنْ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا (أَوْ عَزْمِ الْوَاطِئِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا) وَالْعَزْمُ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ وَلَهُ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ الْإِخْبَارُ بِذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ تَرَكْت وَطْأَهَا أَوْ مَا يُفِيدُ مَعْنَاهُ فَيُقَامُ مَقَامَهُ وَيُدَارُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ (وَقَالَ زُفَرُ: مِنْ آخِرِ الْوَطَآتِ لِأَنَّ الْوَطْءَ هُوَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ) لِلْعِدَّةِ إذْ لَوْ لَمْ يَطَأْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ (وَلَنَا أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ وُجِدَ فِي الْعَقْدِ) وَتَقْرِيرُهُ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: سَلَّمْنَا أَنَّ الْوَطْءَ هُوَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لَكِنَّ جَمِيعَ الْوَطَآتِ الَّتِي تُوجَدُ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ (بِمَنْزِلَةِ وَطْأَةٍ وَاحِدَةٍ لِاسْتِنَادِ الْكُلِّ إلَى عَقْدٍ وَاحِدٍ وَلِهَذَا يُكْتَفَى فِي الْكُلِّ بِمَهْرٍ وَاحِدٍ) وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ آخِرُ وَطْأَةٍ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ إلَّا بِالتَّفْرِيقِ أَوْ الْعَزْمِ، لِأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ جَازَ أَنْ يُوجَدَ غَيْرُهُ فَلَا يَكُونُ مَا فَرَضْنَاهُ آخِرَ الْوَطَآتِ آخِرَهَا. وَتَجْرِيدُ هَذِهِ النُّكْتَةِ: الْعِدَّةُ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِآخِرِ وَطْأَةٍ وَآخِرُ وَطْأَةٍ لَا تُوجَدُ إلَّا بِالتَّفْرِيقِ أَوْ الْعَزْمِ، فَالْعِدَّةُ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِالتَّفْرِيقِ أَوْ الْعَزْمِ، أَمَّا أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ إلَّا بِآخِرِ وَطْأَةٍ فَبِالِاتِّفَاقِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْخَصْمِ، وَأَمَّا أَنَّ آخِرَ وَطْأَةٍ لَا تُوجَدُ إلَّا بِالتَّفْرِيقِ أَوْ الْعَزْمِ فَلِمَا قَالَ مَعَ جَوَازِ وُجُودِ غَيْرِهِ.

وَقَوْلُهُ (وَلِأَنَّ التَّمَكُّنَ عَلَى وَجْهِ الشُّبْهَةِ) دَلِيلٌ آخَرُ. وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ حَقِيقَةَ الْوَطْءِ أَمْرٌ خَفِيٌّ لَهُ سَبَبٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ الْوَطْءِ عَلَى وَجْهِ الشُّبْهَةِ، وَكُلُّ أَمْرٍ خَفِيٍّ لَهُ سَبَبٌ ظَاهِرٌ يُقَامُ السَّبَبُ مَقَامَهُ وَيُدَارُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ، فَالتَّمَكُّنُ مِنْ الْوَطْءِ عَلَى وَجْهِ الشُّبْهَةِ يَقُومُ مَقَامَ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ، وَإِذَا قَامَ مَقَامَهَا فَمَهْمَا كَانَ التَّمَكُّنُ بَاقِيًا كَانَ الْوَطْءُ بَاقِيًا فَلَا يَتَعَيَّنُ آخِرُ الْوَطَآتِ إذْ التَّمَكُّنُ بَاقٍ بَعْدَ كُلِّ وَطْأَةٍ فُرِضَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُتَارَكَةِ أَوْ الْعَزْمِ لِيَرْتَفِعَ التَّمَكُّنُ فَيَتَعَيَّنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>