قَالَ (وَلَا خَيْرَ فِي السَّلَمِ فِي اللَّحْمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀. وَقَالَا: إذَا وَصَفَ مِنْ اللَّحْمِ مَوْضِعًا مَعْلُومًا بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ جَازَ) لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ مَضْبُوطُ الْوَصْفِ وَلِهَذَا يَضْمَنُ بِالْمِثْلِ. وَيَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُ وَزْنًا وَيَجْرِي فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ، بِخِلَافِ لَحْمِ الطُّيُورِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ وَصْفُ مَوْضِعٍ مِنْهُ. وَلَهُ أَنَّهُ مَجْهُولٌ لِلتَّفَاوُتِ فِي قِلَّةِ الْعَظْمِ وَكَثْرَتِهِ أَوْ فِي سِمَنِهِ وَهُزَالِهِ عَلَى اخْتِلَافِ فُصُولِ السَّنَةِ، وَهَذِهِ الْجَهَالَةُ مُفْضِيَةٌ إلَى الْمُنَازَعَةِ. وَفِي مَخْلُوعِ الْعَظْمِ لَا يَجُوزُ عَلَى
؛ لِأَنَّهُ مُوَلَّدٌ لَا يُؤْخَذُ بِلُغَتِهِ. قَالَ الْإِمَامُ الزَّرْنُوجِيُّ: كَفَى بِذَلِكَ حُجَّةً لِلْفُقَهَاءِ.
قَالَ (وَلَا خَيْرَ فِي السَّلَمِ فِي اللَّحْمِ) خَيْرٌ نَكِرَةٌ وَقَعَتْ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتُفِيدُ نَفْيَ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ بِعُمُومِهِ، وَمَعْنَاهُ لَا يَجُوزُ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي اللَّحْمِ، وَقَالَا: إذَا وَصَفَ مِنْهُ مَوْضِعًا مَعْلُومًا بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ جَازَ لِكَوْنِهِ مَوْزُونًا مَعْلُومًا كَسَائِرِ الْمَوْزُونَاتِ وَلِهَذَا يَجُوزُ ضَمَانُهُ بِالْمِثْلِ وَاسْتِقْرَاضُهُ وَزْنًا وَيَجْرِي فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ. فَإِنْ قِيلَ: لَحْمُ الطُّيُورِ مَوْزُونٌ وَلَا يَجُوزُ فِيهِ السَّلَمُ. أَجَابَ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ وَصْفُ مَوْضِعٍ مِنْهُ، وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ فِيهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي تَعْلِيلِهِ تَأَمُّلٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ وَصْفُ مَوْضِعٍ مِنْهُ فَوَصْفُهُ مُمْكِنٌ بِأَنْ يُسْلَمَ فِي لَحْمِ الدَّجَاجِ مَثَلًا بِبَيَانِ سِمَنِهِ وَهُزَالِهِ وَسِنِّهِ وَمِقْدَارِهِ. وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ حَمَلَ الْمَذْكُورَ مِنْ لَحْمِ الطُّيُورِ عَلَى طُيُورٍ لَا تُقْتَنَى وَلَا تُحْبَسُ لِلتَّوَالُدِ فَيَكُونُ الْبُطْلَانُ بِسَبَبِ أَنَّهُ أَسْلَمَ فِي الْمُنْقَطِعِ، وَالسَّلَمُ فِي مِثْلِهِ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَهُمْ اتِّفَاقًا وَإِنْ ذَكَرَ الْوَزْنَ، فَأَمَّا فِيمَا يُقْتَنَى وَيُحْبَسُ لِلتَّوَالُدِ فَيَجُوزُ عِنْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ مَا يَقَعُ مِنْ التَّفَاوُتِ فِي اللَّحْمِ بِسَبَبِ الْعَظْمِ فِي الطُّيُورِ تَفَاوُتٌ لَا يَعْتَبِرُهُ النَّاسُ كَعَظْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute