قَالَ (وَإِذَا أَكَلَ الصَّائِمُ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ نَهَارًا نَاسِيًا لَمْ يُفْطِرْ) وَالْقِيَاسُ أَنْ يُفْطِرَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ لِوُجُودِ مَا يُضَادُّ الصَّوْمَ فَصَارَ كَالْكَلَامِ نَاسِيًا فِي الصَّلَاةِ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ «قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلَّذِي أَكَلَ وَشَرِبَ نَاسِيًا تِمَّ عَلَى صَوْمِك فَإِنَّمَا أَطْعَمَك اللَّهُ وَسَقَاك»
ــ
[العناية]
[بَابُ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ]
َ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَنْوَاعِ الصَّوْمِ وَتَفْسِيرِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَجِبُ عِنْدَ إبْطَالِهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ عَارِضٌ عَلَى الصَّوْمِ فَنَاسَبَ أَنْ يُذْكَرَ مُؤَخَّرًا (وَإِذَا أَكَلَ الصَّائِمُ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ نَاسِيًا لَمْ يُفْطِرْ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يُفْطِرَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِوُجُودِ مَا يُضَادُّ الصَّوْمَ) وَوُجُودُ مُضَادِّ الشَّيْءِ مُعْدِمٌ لَهُ لِاسْتِحَالَةِ وُجُودِ الضِّدَّيْنِ مَعًا (فَصَارَ كَالْكَلَامِ نَاسِيًا فِي الصَّلَاةِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذِي أَكَلَ وَشَرِبَ نَاسِيًا: تِمَّ عَلَى صَوْمِك فَإِنَّمَا أَطْعَمَك اللَّهُ وَسَقَاك» قِيلَ: هَذَا الْحَدِيثُ مُعَارِضٌ لِلْكِتَابِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ} [البقرة: ١٨٧] فَإِنَّ الصِّيَامَ إمْسَاكٌ وَقَدْ فَاتَ فَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِهِ لِأَنَّ انْتِفَاءَ رُكْنِ الشَّيْءِ يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَهُ لَا مَحَالَةَ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى إيفَائِهِ كَمَا كَانَ فَيَجِبُ تَرْكُهُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي الْكِتَابِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ النِّسْيَانَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦] فَكَانَ الْحَدِيثُ مُوَافِقًا لِلْكِتَابِ فَيُعْمَلُ بِهِ، وَيُحْمَلُ قَوْله تَعَالَى {أَتِمُّوا الصِّيَامَ} [البقرة: ١٨٧] عَلَى حَالَةِ انْتِفَاءِ الْإِتْمَامِ عَمْدًا لِأَنَّ الْإِتْمَامَ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ فَيَكُونُ ضِدُّهُ الْمُفَوِّتُ لَهُ كَذَلِكَ، وَالنِّسْيَانُ لَيْسَ بِاخْتِيَارِيٍّ فَلَا يَفُوتُهُ. فَإِنْ قِيلَ: سَلَّمْنَا ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute