للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَمَنْ عَلِمَ بِجَارِيَةٍ أَنَّهَا لِرَجُلٍ فَرَأَى آخَرَ يَبِيعُهَا وَقَالَ وَكَّلَنِي صَاحِبُهَا بِبَيْعِهَا فَإِنَّهُ يَسَعُهُ أَنَّهُ يَبْتَاعُهَا وَيَطَؤُهَا)؛ لِأَنَّهُ أُخْبِرَ بِخَبَرٍ صَحِيحٍ لَا مُنَازِعَ لَهُ، وَقَوْلُ الْوَاحِدِ فِي الْمُعَامَلَاتِ مَقْبُولٌ عَلَى أَيِّ وَصْفٍ كَانَ لِمَا مَرَّ مِنْ قَبْلُ. وَكَذَا إذَا قَالَ اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ أَوْ وَهَبَهَا لِي أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيَّ لِمَا قُلْنَا. وَهَذَا إذَا كَانَ ثِقَةً.

(فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ)

أَخَّرَ فَصْلَ الْبَيْعِ عَنْ فَصْلِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللَّمْسِ وَالْوَطْءِ لِأَنَّ أَثَرَ تِلْكَ الْأَفْعَالِ مُتَّصِلٌ بِبَدَنِ الْإِنْسَانِ وَهَذَا لَا، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ اتِّصَالًا كَانَ أَحَقَّ بِالتَّقْدِيمِ. قَالَ (وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ السِّرْقِينِ) كَلَامُهُ وَاضِحٌ. وَقَوْلُهُ (فِي الصَّحِيحِ) احْتِرَازٌ عَنْ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْعَذِرَةِ الْخَالِصَةِ يَجُوزُ.

وَقَوْلُهُ (عَلَى أَيِّ وَصْفٍ كَانَ) يَعْنِي حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَة. وَقَوْلُهُ (لِمَا مَرَّ مِنْ قَبْلُ) يَعْنِي فِي فَصْلِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ أَرْسَلَ أَجِيرًا لَهُ مَجُوسِيًّا، وَهَذَا لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ فِي الْمُعَامَلَاتِ مَقْبُولٌ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْعَدَالَةِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ. وَقَوْلُهُ (لِمَا قُلْنَا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِخَبَرٍ صَحِيحٍ لَا مُنَازِعَ لَهُ. فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ ثِقَةً يُنَاقِضُ قَوْلَهُ عَلَى أَيِّ وَصْفٍ كَانَ. أُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ ثِقَةً أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَى كَلَامِهِ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكْذِبَ الْفَاسِقُ لِمُرُوءَتِهِ أَوْ لِوَجَاهَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>