للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: هَذَا عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَجِبُ قِيمَتُهُ مَا بَيْنَ كَوْنِهِ مَضْرُوبًا إلَى كَوْنِهِ غَيْرَ مَضْرُوبٍ، لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ قَاطِعٌ لِلسَّرَايَةِ عَلَى مَا يَأْتِيك بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ: (وَلَا كَفَّارَةَ فِي الْجَنِينِ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَجِبُ لِأَنَّهُ نَفْسٌ مِنْ وَجْهٍ فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ احْتِيَاطًا. وَلَنَا أَنَّ الْكَفَّارَةَ فِيهَا مَعْنَى الْعُقُوبَةِ وَقَدْ عُرِفَتْ فِي النُّفُوسِ الْمُطْلَقَةِ فَلَا تَتَعَدَّاهَا وَلِهَذَا لَمْ يَجِبْ كُلُّ الْبَدَلِ. قَالُوا: إلَّا أَنْ يَشَاءَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا، فَإِذَا تَقَرَّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَانَ أَفْضَلَ لَهُ وَيَسْتَغْفِرُ مِمَّا صَنَعَ (وَالْجَنِينُ الَّذِي قَدْ اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ بِمَنْزِلَةِ الْجَنِينِ التَّامِّ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ) لِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّهُ وَلَدٌ فِي حَقِّ أُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالنِّفَاسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَكَذَا فِي حَقِّ هَذَا الْحُكْمِ، وَلِأَنَّ بِهَذَا الْقَدْرِ يَتَمَيَّزُ مِنْ الْعَلَقَةِ وَالدَّمِ فَكَانَ نَفْسَهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

. قَالَ (وَمَنْ أَخْرَجَ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ كَنِيفًا أَوْ مِيزَابًا أَوْ جُرْصُنًا أَوْ بَنَى دُكَّانًا فَلِرَجُلٍ مِنْ عَرَضِ النَّاسِ أَنْ

وَأَوْجَبْنَا قِيمَتَهُ حَيًّا لَا مَشْكُوكًا فِي حَيَاتِهِ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ التَّلَفِ. لَا يُقَالُ: هَذَا اعْتِبَارٌ بِحَالَةِ الضَّرْبِ فَقَطْ، إذْ الْوَاجِبُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَيْضًا قِيمَتُهُ حَيًّا لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ حَيًّا فَلَا تَجِبُ قِيمَتُهُ حَيًّا هُنَاكَ بَلْ تَجِبُ الْغُرَّةُ.

وَقَوْلُهُ (مَا بَيْنَ كَوْنِهِ مَضْرُوبًا إلَى كَوْنِهِ غَيْرَ مَضْرُوبٍ) يَعْنِي تَفَاوُتَ مَا بَيْنَهُمَا، حَتَّى لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ غَيْرَ مَضْرُوبٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ مَضْرُوبًا ثَمَانَمِائَةٍ يَجِبُ عَلَى الضَّارِبِ مِائَتَا دِرْهَمٍ. وَقَوْلُهُ (عَلَى مَا نَذْكُرُ بَيَانَهُ بَعْدَ هَذَا) يَعْنِي فِي جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ فَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ (وَقَدْ عُرِفَتْ فِي النُّفُوسِ الْمُطْلَقَةِ) أَيْ الْكَامِلَةِ بِالنَّصِّ فَلَا يَتَعَدَّاهَا إلَى غَيْرِ الْمُطْلَقَةِ وَهُوَ الْجَنِينُ، لِأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَجْرِي فِي الْعُقُوبَاتِ، وَلَيْسَ غَيْرُ الْمُطْلَقَةِ نَظِيرَ الْمُطْلَقَةِ حَتَّى يَلْحَقَ بِهَا دَلَالَةً أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ كُلُّ الْبَدَلِ، وَالْبَاقِي ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْحٍ

(بَابُ مَا يُحْدِثُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ)

لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَحْكَامِ الْقَتْلِ مُبَاشَرَةً ذَكَرَ أَحْكَامَهُ تَسْبِيبًا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ، إمَّا لِأَنَّهُ قَتْلٌ بِلَا وَاسِطَةٍ، وَإِمَّا لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ. قَالَ (وَمَنْ أَخْرَجَ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ كَنِيفًا إلَخْ) الْكَنِيفُ: الْمُسْتَرَاحُ، وَالْمِيزَابُ مَعْرُوفٌ، وَالْجُرْصُنُ قِيلَ هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>