للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخَصَّ الْخَطَأَ بِالْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِي الْعَمْدِ عِنْدَنَا.

فَصْلٌ

قَالَ: (وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ إلَيْنَا مُسْتَأْمَنًا لَمْ يُمَكَّنْ أَنْ يُقِيمَ فِي دَارِنَا سَنَةً وَيَقُولُ لَهُ الْإِمَامُ: إنْ أَقَمْتَ تَمَامَ السَّنَةِ وَضَعْتُ عَلَيْك الْجِزْيَةُ) وَالْأَصْلُ أَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا يُمَكَّنُ مِنْ إقَامَةٍ دَائِمَةٍ فِي دَارِنَا إلَّا بِالِاسْتِرْقَاقِ أَوْ الْجِزْيَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ عَيْنًا لَهُمْ وَعَوْنًا عَلَيْنَا فَتَلْتَحِقُ الْمَضَرَّةُ بِالْمُسْلِمِينَ، وَيُمَكَّنُ مِنْ الْإِقَامَةِ الْيَسِيرَةِ؛ لِأَنَّ فِي مَنْعِهَا قَطْعَ الْمِيرَةِ وَالْجَلَبِ وَسَدَّ بَابِ التِّجَارَةِ، فَفَصَلْنَا بَيْنَهُمَا بِسَنَةٍ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ تَجِبُ فِيهَا الْجِزْيَةُ فَتَكُونُ الْإِقَامَةُ

لِمَصْلَحَةِ

الْجِزْيَةِ، ثُمَّ إنْ رَجَعَ بَعْدَ مَقَالَةِ الْإِمَامِ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ إلَى وَطَنِهِ فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ، وَإِذَا مَكَثَ سَنَةً فَهُوَ ذِمِّيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَامَ سَنَةً بَعْدَ تَقَدُّمِ الْإِمَامِ إلَيْهِ صَارَ مُلْتَزِمًا الْجِزْيَةَ فَيَصِيرُ ذِمِّيًّا، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُؤَقِّتَ فِي ذَلِكَ مَا دُونَ السَّنَةِ كَالشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ (وَإِذَا أَقَامَهَا بَعْدَ مَقَالَةِ الْإِمَامِ يَصِيرُ ذِمِّيًّا)

بِجَامِعِ تَبَعِيَّةِ أَهْلِ الدَّارِ بِالتَّوَطُّنِ فَلَمْ تَجِبْ الدِّيَةُ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى تِلْكَ الْعِصْمَةِ، بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ فَإِنَّهَا تَجِبُ بِالْعِصْمَةِ الْمُؤَثِّمَةِ وَهِيَ بِالْإِسْلَامِ.

(فَصْلٌ):

فَصَلَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ عَمَّا قَبْلَهَا لِاخْتِلَافِ أَحْكَامِهَا، وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ، وَالْعَيْنُ: هُوَ الْجَاسُوسُ، وَالْعَوْنُ: الظَّهِيرُ عَلَى الْأَمْرِ وَالْجَمْعُ الْأَعْوَانُ، وَالْمِيرَةُ: الطَّعَامُ يَمْتَارُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ مَارَ يَمِيرُ، وَالْجَلَبُ وَالْأَجْلَابُ الَّذِينَ يَجْلِبُونَ الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ لِلْبَيْعِ. وَقَوْلُهُ (بَعْدَ تَقَدُّمِ الْإِمَامِ) يُقَالُ تَقَدَّمَ إلَيْهِ الْأَمِيرُ بِكَذَا أَوْ فِي كَذَا إذَا أَمَرَهُ بِهِ. وَقَوْلُهُ (وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُوَقِّتَ فِي ذَلِكَ مَا دُونَ السَّنَةِ) يَعْنِي أَنَّ تَقْدِيرَ الْحَوْلِ لَيْسَ بِلَازِمٍ، بَلْ لَوْ قَدَّرَ الْإِمَامُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَاهُ جَازَ لَكِنْ إنْ لَمْ يُقَدِّرْ لَهُ مُدَّةً فَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْحَوْلُ (فَإِذَا أَقَامَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي دَارِنَا يَصِيرُ ذِمِّيًّا) قَالَ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ:

<<  <  ج: ص:  >  >>