للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَثْبُتُ عَلَى الْمَعْنَى وَهُوَ الْقِيمَةُ.

قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ فَقَالَ لِلْبَائِعِ أَمْسِكْ هَذَا الثَّوْبَ حَتَّى أُعْطِيَك الثَّمَنَ فَالثَّوْبُ رَهْنٌ)؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا يُنْبِئُ عَنْ مَعْنَى الرَّهْنِ وَهُوَ الْحَبْسُ إلَى وَقْتِ الْإِعْطَاءِ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي حَتَّى كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ حَوَالَةً، وَالْحَوَالَةُ فِي ضِدِّ ذَلِكَ كَفَالَةٌ

وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَكُونُ رَهْنًا، وَمِثْلُهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَمْسِكْ يَحْتَمِلُ الرَّهْنَ وَيَحْتَمِلُ الْإِيدَاعَ، وَالثَّانِي أَقَلُّهُمَا فَيَقْضِي بِثُبُوتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: أَمْسِكْهُ بِدَيْنِك أَوْ بِمَالِك؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَابَلَهُ بِالدَّيْنِ فَقَدْ عَيَّنَ جِهَةَ الرَّهْنِ

قُلْنَا: لَمَّا مَدَّهُ إلَى الْإِعْطَاءِ عَلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ الرَّهْنُ.

فَصْلٌ

(وَمَنْ رَهَنَ عَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ فَقَضَى حِصَّةَ أَحَدِهِمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهُ حَتَّى يُؤَدِّيَ بَاقِيَ الدَّيْنِ) وَحِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَخُصُّهُ إذَا قُسِّمَ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَتِهِمَا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مَحْبُوسٌ بِكُلِّ الدَّيْنِ فَيَكُونُ مَحْبُوسًا بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ مُبَالَغَةً فِي حَمْلِهِ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ وَصَارَ كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ، فَإِنْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَعْيَانِ الرَّهْنِ شَيْئًا مِنْ

الِاعْتِبَارُ لِعَيْنِ الشَّرْطِ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ.

وَقَوْلُهُ (وَمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ فَقَالَ لِلْبَائِعِ أَمْسِكْ هَذَا الثَّوْبَ حَتَّى أُعْطِيَك الثَّمَنَ) قِيلَ يُرِيدُ بِهِ ثَوْبًا غَيْرَ الْمُشْتَرَى. وَالصَّوَابُ أَنَّهُ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ، وَلَوْ قَالَ أَمْسِكْهُ بِدَيْنِك أَوْ قَالَ أَمْسِكْهُ رَهْنًا حَتَّى أُعْطِيَك ثَمَنَك فَهُوَ رَهْنٌ بِلَا خِلَافٍ. وَقَوْلُهُ (عُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ الرَّهْنُ) لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ هُوَ الْحَبْسُ الدَّائِمُ إلَى وَقْتِ الْفِكَاكِ، فَإِذَا صَرَّحَ بِهَذَا عُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ الرَّهْنُ.

(فَصْلٌ)

وَجْهُ الْفَصْلِ كَوْنُ الرَّهْنِ مُتَعَدِّدًا وَلَا خَفَاءَ فِي تَأَخُّرِ التَّعَدُّدِ عَنْ الْإِفْرَادِ. قَوْلُهُ (وَصَارَ كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ) فِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا أَدَّى حِصَّةَ أَحَدِهِمَا مِنْ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ بَاقِي الثَّمَنِ، فَإِذَا سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَعْيَانِ الرَّهْنِ شَيْئًا

<<  <  ج: ص:  >  >>