إذْ الدَّلِيلُ يُنَافِيهِ وَالْقَاطِعُ أَخَّرَ عِلْمَهُ إلَى مُدَّةٍ إجْمَاعًا أَوْ نَظَرًا لَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
فَصْلٌ فِيمَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ
(وَإِذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا دُونَ الثَّلَاثِ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَ انْقِضَائِهَا) لِأَنَّ حِلَّ الْمَحَلِّيَّةِ بَاقٍ لِأَنَّ زَوَالَهُ مُعَلَّقٌ بِالطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ فَيَنْعَدِمُ قَبْلَهُ، وَمَنْعُ الْغَيْرِ فِي الْعِدَّةِ لِاشْتِبَاهِ النَّسَبِ
إذْ الدَّلِيلُ الدَّالُّ عَلَى الِاسْتِبْدَادِ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْقِيَاسِ يُنَافِي أَنْ تَكُونَ الرَّجْعَةُ إنْشَاءً لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَسْتَبِدُّ بِهِ وَالِاسْتِدَامَةُ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا فِي الْقَائِمِ وَكَانَتْ الزَّوْجِيَّةُ قَائِمَةً. وَقَوْلُهُ (وَالْقَاطِعُ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ لِوُجُودِ الْقَاطِعِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ وُجُودَ الْقَاطِعِ لَا يُنَافِي قِيَامَ الزَّوْجِيَّةِ لِأَنَّهُ أَخَّرَ عَمَلَهُ إلَى مُدَّةٍ إجْمَاعًا أَوْ نَظَرًا لَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ: يَعْنِي قَوْلَهُ يَثْبُتُ لِلزَّوْجِ نَظَرًا لَهُ فَكَانَ كَالْبَيْعِ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ تَأَخَّرَ عَمَلُ الْبَيْعِ فِي اللُّزُومِ إلَى مُدَّةٍ نَظَرًا لِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ.
(فَصْلٌ فِيمَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ)
لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ مَا يُتَدَارَكُ بِهِ الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ ذَكَرَ مَا يُتَدَارَكُ بِهِ غَيْرُهُ مِنْ الطَّلْقَاتِ فِي فَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ (وَإِذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا دُونَ الثَّلَاثِ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَ انْقِضَائِهَا لِأَنَّ حِلَّ الْمَحَلِّيَّةِ) وَهُوَ كَوْنُهَا آدَمِيَّةً لَيْسَتْ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ (بَاقٍ لِأَنَّ زَوَالَهُ مُعَلَّقٌ بِالطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ﴾ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ وَالْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ مَعْدُومٌ قَبْلَهُ. وَرُدَّ بِأَنَّ الشَّرْطَ يُوجِبُ الْوُجُودَ عِنْدَ الْوُجُودِ دُونَ الْعَدَمِ عِنْدَ الْعَدَمِ عِنْدَنَا.
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَعْدُومٌ بِعَدَمِهِ الْأَصْلِيِّ إذْ الْعِلَّةُ لَمْ تَصِرْ عِلَّةً بَعْدُ، وَإِذَا كَانَ حِلُّ الْمَحَلِّ بَاقِيًا جَازَ نِكَاحُهَا فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَ انْقِضَائِهَا. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا تَعْلِيلٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ نَهَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute