للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْحَجْرِ لِلْفَسَادِ

(قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا يُحْجَرُ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ السَّفِيهِ، وَتَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ مُبَذِّرًا مُفْسِدًا يُتْلِفُ مَالَهُ فِيمَا لَا غَرَضَ لَهُ فِيهِ وَلَا مَصْلَحَةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ : يُحْجَرُ عَلَى السَّفِيهِ وَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ)

بَابُ الْحَجْرِ لِلْفَسَادِ)

أَخَّرَ هَذَا الْبَابَ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَالْمُرَادُ بِالْفَسَادِ هَاهُنَا هُوَ السَّفَهُ. وَهُوَ خِفَّةٌ تَعْتَرِي الْإِنْسَانَ فَتَحْمِلُهُ عَلَى الْعَمَلِ بِخِلَافِ مُوجِبِ الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ مَعَ قِيَامِ الْعَقْلِ، وَقَدْ غَلَبَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ عَلَى تَبْذِيرِ الْمَالِ وَإِتْلَافِهِ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الْعَقْلِ وَالشَّرْعِ (قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا يُحْجَرُ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ السَّفِيهِ، وَتَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ مُبَذِّرًا مُفْسِدًا يُتْلِفُ مَالَهُ فِيمَا لَا غَرَضَ لَهُ فِيهِ وَلَا مَصْلَحَةَ) كَالْإِلْقَاءِ فِي الْبَحْرِ وَالْإِحْرَاقِ بِالنَّارِ.

(وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ : يُحْجَرُ عَلَى السَّفِيهِ وَيُمْنَعُ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ) غَيْرَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ عِنْدَهُمَا يُؤَثِّرُ فِي حَقِّ تَصَرُّفٍ يَتَّصِلُ بِمَالِهِ، وَلَا يَصِحُّ مَعَ الْهَزْلِ وَالْإِكْرَاهِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِقْرَارِ بِالْمَالِ، وَمَا لَا يَتَّصِلُ بِمَالِهِ كَالْإِقْرَارِ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ أَوْ يَتَّصِلُ بِهِ، لَكِنَّهُ يَصِحُّ مَعَ الْهَزْلِ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، فَالْحَجْرُ لَا يَعْمَلُ فِيهِ حَتَّى صَحَّ مِنْهُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ بَعْدَ الْحَجْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>