للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ فِي الْغُسْلِ)

(وَإِذَا مَا أَرَادُوا غُسْلَهُ

فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَحْوَالِ الْمَيِّتِ:

فِي فُصُولٍ وَقَدَّمَ الْغُسْلَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَا يُصْنَعُ بِهِ، وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْأَحْيَاءِ بِالْإِجْمَاعِ. وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ وُجُوبِ الْغُسْلِ، فَقِيلَ إنَّمَا وَجَبَ لِحَدَثٍ يَحُلُّ بِاسْتِرْخَاءِ الْمَفَاصِلِ لَا لِنَجَاسَةٍ تَحُلُّ بِهِ، فَإِنَّ الْآدَمِيَّ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ كَرَامَةً، إذْ لَوْ تَنَجَّسَ لَمَا طَهُرَ بِالْغُسْلِ كَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ، وَكَانَ الْوَاجِبُ الِاقْتِصَارَ فِي الْغُسْلِ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ، لَكِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ نَفْيًا لِلْحَرَجِ فِيمَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ يَوْمٍ، وَالْحَدَثُ بِسَبَبِ الْمَوْتِ لَا يَتَكَرَّرُ فَكَانَ كَالْجَنَابَةِ لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ بَلْ يَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ وُجُوبُ غَسْلِ جَمِيعِ الْبَدَنِ لِعَدَمِ الْحَرَجِ فَكَذَا هَذَا.

وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: وَجَبَ غُسْلُهُ لِنَجَاسَةِ الْمَوْتِ لَا بِسَبَبِ الْحَدَثِ، لِأَنَّ لِلْآدَمِيِّ دَمًا سَائِلًا كَالْحَيَوَانَاتِ الْبَاقِيَةِ فَيَتَنَجَّسُ بِالْمَوْتِ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِهِ مِنْهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا مَاتَ فِي الْبِئْرِ نَجَّسَهَا، وَلَوْ حَمَلَهُ الْمُصَلِّي لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ نَجِسًا لَجَازَتْ كَمَا لَوْ حَمَلَ مُحْدِثًا، وَيَجُوزُ أَنْ تَزُولَ نَجَاسَتُهُ بِالْغُسْلِ كَرَامَةً. قَوْلُهُ (وَإِذَا أَرَادُوا غَسْلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>