ذَكَاتُهُ كَالْمُرْتَدِّ وَالْمُحْرِمِ وَتَارِكِ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمَجُوسِيِّ (وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ أَحَدٌ فَزَجَرَهُ مُسْلِمٌ فَانْزَجَرَ فَأَخَذَ الصَّيْدَ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ)؛ لِأَنَّ الزَّجْرَ مِثْلُ الِانْفِلَاتِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ دُونَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ بِنَاءٌ عَلَيْهِ فَهُوَ فَوْقَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ فَاسْتَوَيَا فَصَلَحَ نَاسِخًا (وَلَوْ أَرْسَلَ الْمُسْلِمُ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ وَسَمَّى فَأَدْرَكَهُ فَضَرَبَهُ وَوَقَذَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ أُكِلَ، وَكَذَا إذَا أَرْسَلَ كَلْبَيْنِ فَوَقَذَهُ أَحَدُهُمَا ثُمَّ قَتَلَهُ الْآخَرُ أُكِلَ)؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ عَنْ الْجُرْحِ بَعْدَ الْجُرْحِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ التَّعْلِيمِ فَجُعِلَ عَفْوًا (وَلَوْ أَرْسَلَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَلْبًا فَوَقَذَهُ أَحَدُهُمَا وَقَتَلَهُ الْآخَرُ أُكِلَ) لِمَا بَيَّنَّا (وَالْمِلْكُ لِلْأَوَّلِ)؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَخْرَجَهُ عَنْ حَدِّ الصَّيْدِيَّةِ إلَّا أَنَّ الْإِرْسَالَ حَصَلَ مِنْ الصَّيْدِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْإِبَاحَةِ وَالْحُرْمَةِ حَالَةُ الْإِرْسَالِ فَلَمْ يَحْرُمْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْإِرْسَالُ مِنْ الثَّانِي بَعْدَ الْخُرُوجِ عَنْ الصَّيْدِيَّةِ بِجُرْحِ الْكَلْبِ الْأَوَّلِ.
فَصْلٌ فِي الرَّمْيِ
(وَمَنْ سَمِعَ حِسًّا ظَنَّهُ حِسَّ صَيْدٍ فَرَمَاهُ أَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا أَوْ بَازِيًا عَلَيْهِ فَأَصَابَ صَيْدًا،
أَسْرَعُ ثُبُوتًا لِغَلَبَةِ الْحُرْمَةِ عَلَى الْحِلِّ دَائِمًا فَأَوْلَى أَنْ لَا يَثْبُتَ بِهِ الْحِلُّ: يَعْنِي بِزَجْرِ الْمُسْلِمِ. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ الزَّجْرَ مِثْلُ الِانْفِلَاتِ) يَعْنِي مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ غَيْرُ مَشْرُوطٍ فِي حِلِّ الصَّيْدِ بِخِلَافِ الْإِرْسَالِ، وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُ إنْ كَانَ دُونَهُ) يَعْنِي أَنَّ الِانْزِجَارَ إنْ كَانَ دُونَ الِانْفِلَاتِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ بِنَاءً عَلَيْهِ فَهُوَ فَوْقَهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ فِعْلَ الْمُكَلَّفِ فَاسْتَوَيَا فَصَلَحَ الزَّجْرُ نَاسِخًا وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ فَيُجْعَلُ نَاسِخًا. وَقَوْلُهُ (وَقَذَهُ) أَيْ جَرَحَهُ جِرَاحَةً أَثْخَنَتْهُ.
وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ عَنْ الْجَرْحِ بَعْدَ الْجَرْحِ) دَلِيلُ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ يُشِيرُ إلَى الْجَوَابِ عَمَّا يُقَالُ الضَّرْبَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي قَتَلَ الْكَلْبُ بِهَا الصَّيْدَ إنَّمَا حَصَلَتْ بَعْدَ الْإِثْخَانِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْ الصَّيْدِيَّةِ، فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ لَا يَحِلَّ أَكْلُهُ لِأَنَّ الصَّيْدَ بَعْدَ الْإِثْخَانِ مُلْحَقٌ بِالدَّوَاجِنِ فَيَحِلُّ الذَّبْحُ لَا بِضَرْبِ الْكَلْبِ. وَجَوَابُهُ أَنَّهُ تَعَذَّرَ رَفْعُهُ، وَمَا تَعَذَّرَ رَفْعُهُ تَقَرَّرَ عَفْوُهُ. وَقَوْلُهُ (بِجَرْحِ الْكَلْبِ الْأَوَّلِ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّ الصَّيْدَ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ عَنْ الصَّيْدِيَّةِ كَانَتْ ذَكَاتُهُ بَعْدَ الذَّبْحِ فِي الْمَذْبَحِ. لَا بِجَرْحِ الْكَلْبِ فَجَرْحُ الْكَلْبِ فِي مِثْلِهِ يُوجِبُ الْحُرْمَةَ، وَلَمَّا اجْتَمَعَ فِيهِ الْمُوجِبُ لِلْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ غَلَبَ الْحُرْمَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَصْلٌ فِي الرَّمْيِ)
لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ حُكْمِ الْآلَةِ الْحَيَوَانِيَّةِ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْآلَةِ الْجَمَادِيَّةِ. وَالْحِسُّ: الصَّوْتُ الْخَفِيُّ (وَمَنْ سَمِعَ حِسًّا فَظَنَّهُ حِسَّ صَيْدٍ فَرَمَاهُ أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ أَوْ بَازِيَهُ فَأَصَابَ صَيْدًا) ظَبْيًا مَثَلًا، فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَسْمُوعَ حِسُّهُ آدَمِيٌّ أَوْ بَقَرٌ أَوْ شَاةٌ لَمْ يَحِلَّ الظَّبْيُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute