للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّانِي وَلَمْ يَجْرَحْهُ مَعَهُ وَمَاتَ بِجُرْحِ الْأَوَّلِ يُكْرَهُ أَكْلُهُ) لِوُجُودِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْأَخْذِ وَفَقْدِهَا فِي الْجُرْحِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا رَدَّهُ الْمَجُوسِيُّ بِنَفْسِهِ حَيْثُ لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمَجُوسِيِّ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ فِعْلِ الْكَلْبِ فَلَا تَتَحَقَّقُ الْمُشَارَكَةُ وَتَتَحَقَّقُ بَيْنَ فِعْلَيْ الْكَلْبَيْنِ لِوُجُودِ الْمُجَانَسَةِ (وَلَوْ لَمْ يَرُدَّهُ الْكَلْبُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ لَكِنَّهُ أَشَدَّ عَلَى الْأَوَّلِ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى الصَّيْدِ فَأَخَذَهُ وَقَتَلَهُ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ)؛ لِأَنَّ فِعْلَ الثَّانِي أَثَرٌ فِي الْكَلْبِ الْمُرْسَلِ دُونَ الصَّيْدِ حَيْثُ ازْدَادَ بِهِ طَلَبًا فَكَانَ تَبَعًا لِفِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ بِنَاءٌ عَلَيْهِ فَلَا يُضَافُ الْأَخْذُ إلَى التَّبَعِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ رَدَّهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ تَبَعًا فَيُضَافُ إلَيْهِمَا.

قَالَ (وَإِذَا أَرْسَلَ الْمُسْلِمُ كَلْبَهُ فَزَجَرَهُ مَجُوسِيٌّ فَانْزَجَرَ بِزَجْرِهِ فَلَا بَأْسَ بِصَيْدِهِ) وَالْمُرَادُ بِالزَّجْرِ الْإِغْرَاءُ بِالصِّيَاحِ عَلَيْهِ، وَبِالِانْزِجَارِ إظْهَارُ زِيَادَةِ الطَّلَبِ

وَوَجْهُهُ أَنَّ الْفِعْلَ يُرْفَعُ بِمَا هُوَ فَوْقَهُ أَوْ مِثْلُهُ كَمَا فِي نَسْخِ الْآيِ، وَالزَّجْرُ دُونَ الْإِرْسَالِ لِكَوْنِهِ بِنَاءً عَلَيْهِ

قَالَ (وَلَوْ أَرْسَلَهُ مَجُوسِيٌّ فَزَجَرَهُ مُسْلِمٌ فَانْزَجَرَ بِزَجْرِهِ لَمْ يُؤْكَلْ)؛ لِأَنَّ الزَّجْرَ دُونَ الْإِرْسَالِ وَلِهَذَا لَمْ تَثْبُتْ بِهِ شُبْهَةُ الْحُرْمَةِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَثْبُتَ بِهِ الْحِلُّ، وَكُلُّ مَنْ لَا تَجُوزُ

بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْلُهُ «مَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ إلَّا وَقَدْ غَلَبَ الْحَرَامُ الْحَلَالَ». وَهَاهُنَا ثَلَاثَةُ فُصُولٍ: أَحَدُهَا مَا اشْتَرَكَ فِيهِ الْكَلْبَانِ فِي الْأَخْذِ وَالْجَرْحِ، وَفِيهِ الْحُرْمَةُ لِمَا رَوَيْنَاهُ. وَالثَّانِي مَا اشْتَرَكَا فِيهِ فِي الْأَخْذِ دُونَ الْجَرْحِ، وَفِيهِ الْكَرَاهَةُ لِأَنَّ جِهَةَ الْحِلِّ أَرْجَحُ، لِأَنَّ الْمُعَلَّمَ تَفَرَّدَ بِالْجَرْحِ. وَالثَّالِثُ مَا لَمْ يَشْتَرِكَا فِي شَيْءٍ لَكِنَّ الثَّانِي أَشَدُّ: أَيْ حُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى الصَّيْدِ، وَفِيهِ الْإِبَاحَةُ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يُشَارِكْ الْأَوَّلَ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّيْدِ، وَإِنَّمَا أَثَّرَ فِي الْكَلْبِ الْمُرْسَلِ دُونَ الصَّيْدِ فَكَانَ فِعْلُهُ تَبَعًا لِفِعْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ بِنَاءٌ عَلَيْهِ فَلَا يُضَافُ الْأَخْذُ إلَى التَّبَعِ

قَالَ (وَإِذَا أَرْسَلَ الْمُسْلِمُ إلَخْ) الْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ الْفِعْلَ يُرْفَعُ بِالْأَقْوَى وَالْمُسَاوِي دُونَ الْأَدْنَى، فَإِذَا أَرْسَلَ الْمُسْلِمُ كَلْبَهُ وَزَجَرَهُ: أَيْ أَغْرَاهُ الْمَجُوسِيُّ حَلَّ أَكْلُهُ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الزَّجْرِ عِنْدَ الْإِرْسَالِ لِكَوْنِ الزَّجْرِ دُونَهُ لِبِنَائِهِ عَلَيْهِ. وَنُوقِضَ بِالْمُحْرِمِ إذَا زَجَرَ كَلْبَ حَلَالٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْجَزَاءَ فِي الْمُحَرَّمِ بِدَلَالَةِ النَّصِّ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ بِمَا هُوَ دُونَهُ وَهُوَ الدَّلَالَةُ فَوَجَبَ بِالزَّجْرِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (وَإِذَا أَرْسَلَهُ مَجُوسِيٌّ فَزَجَرَهُ مُسْلِمٌ فَانْزَجَرَ لَمْ يُؤْكَلْ كَذَلِكَ وَلِهَذَا) أَيْ وَلِأَنَّ الزَّجْرَ دُونَ الْإِرْسَالِ (لَمْ يَثْبُتْ بِهِ) أَيْ بِالزَّجْرِ (شُبْهَةُ الْحُرْمَةِ) يَعْنِي فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مَعَ أَنَّ الْحُرْمَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>