للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الْمَنْعُ مِنْ السَّفَرِ ضَرَرٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَمْ يُسْتَحَقَّ بِالْعَقْدِ فَيَكُونُ عُذْرًا (وَكَذَا إذَا أَطْلَقَ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِالْحَضَرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا آجَرَ عَقَارًا ثُمَّ سَافَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ إذْ الْمُسْتَأْجِرُ يُمْكِنُهُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بَعْدَ غَيْبَتِهِ، حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ السَّفَرَ فَهُوَ عُذْرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَنْعِ مِنْ السَّفَرِ أَوْ إلْزَامِ الْأَجْرِ بِدُونِ السُّكْنَى وَذَلِكَ ضَرَرٌ.

مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ

قَالَ: (وَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا أَوْ اسْتَعَارَهَا فَأَحْرَقَ الْحَصَائِدَ فَاحْتَرَقَ شَيْءٌ مِنْ أَرْضٍ أُخْرَى فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ)؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي هَذَا التَّسْبِيبِ فَأَشْبَهَ حَافِرَ الْبِئْرِ فِي دَارِ نَفْسِهِ. وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَتْ الرِّيَاحُ هَادِئَةً ثُمَّ تَغَيَّرَتْ، أَمَّا إذَا كَانَتْ مُضْطَرِبَةً يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ مُوقِدَ النَّارِ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ.

قَالَ: (وَإِذَا أَقْعَدَ الْخَيَّاطُ أَوْ الصَّبَّاغُ فِي حَانُوتِهِ مَنْ يَطْرَحُ عَلَيْهِ الْعَمَلَ بِالنِّصْفِ فَهُوَ جَائِزٌ)

قِيلَ: فَإِنْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ إنَّهُ لَا يُرِيدُ السَّفَرَ وَلَكِنَّهُ يُرِيدُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ وَأَصَرَّ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى دَعْوَى السَّفَرِ فَالْقَاضِي يَسْأَلُهُ عَمَّنْ يُسَافِرُ مَعَهُ، فَإِنْ قَالَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَالْقَاضِي يَسْأَلُهُمْ أَنَّ فُلَانًا هَلْ يَخْرُجُ مَعَكُمْ أَوْ لَا؟ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ ثَبَتَ الْعُذْرُ وَإِلَّا فَلَا. وَقِيلَ: يَنْظُرُ الْقَاضِي إلَى زِيِّهِ وَثِيَابِهِ، فَإِنْ كَانَتْ ثِيَابُهُ ثِيَابَ السَّفَرِ يَجْعَلُهُ مُسَافِرًا وَإِلَّا فَلَا. وَقِيلَ: إذَا أَنْكَرَ الْمُؤَجِّرُ السَّفَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَقِيلَ: يَحْلِفُ الْقَاضِي الْمُسْتَأْجِرُ بِاَللَّهِ إنَّك عَزَمْت عَلَى السَّفَرِ، وَإِلَيْهِ مَالَ الْكَرْخِيُّ وَالْقُدُورِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ.

(مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ) مَعْنَى الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ قَدْ تَقَدَّمَ، وَحَصَدَ الزَّرْعَ: أَيْ جَذَّهُ، وَالْحَصَائِدُ جَمْعُ حَصِيدٍ وَحَصِيدَةٍ وَهُمَا الزَّرْعُ الْمَحْصُودُ، وَالْمُرَادُ بِهَا هَاهُنَا مَا يَبْقَى مِنْ أُصُولِ الْقَصَبِ الْمَحْصُودِ فِي الْأَرْضِ، وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ. وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَتْ الرِّيحُ هَادِئَةً. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: بِالنُّونِ مِنْ هَدَنَ: أَيْ سَكَنَ. وَفِي نُسْخَةٍ هَادِئَةٌ مِنْ هَدَأَ بِالْهَمْزِ: أَيْ سَكَنَ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ الْهَادِئَةِ وَالْمُطْرِبَةِ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ

(قَوْلُهُ وَإِذَا أَقْعَدَ الْخَيَّاطُ إلَخْ) يَعْنِي إذَا كَانَ الْخَيَّاطُ أَوْ الصَّبَّاغُ مَعْرُوفًا وَهُوَ رَجُلٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ النَّاسِ وَلَهُ جَاهٌ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ حَاذِقٍ فَأَقْعَدَ فِي دُكَّانِهِ رَجُلًا حَاذِقًا لِيَتَقَبَّلَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ الْعَمَلَ مِنْ النَّاسِ وَيَعْمَلَ الْحَاذِقُ وَجَعَلَا مَا يَحْصُلُ مِنْ الْأُجْرَةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ جَازَ اسْتِحْسَانًا. وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ رَأْسَ مَالِ صَاحِبِ الدُّكَّانِ الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ لَا تَصْلُحُ رَأْسَ مَالِ الشَّرِكَةِ، وَلِأَنَّ الْمُتَقَبِّلَ لِلْعَمَلِ عَلَى مَا ذَكَرَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ فَيَكُونُ الْعَامِلُ أَجِيرَهُ بِالنِّصْفِ وَهُوَ مَجْهُولٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>