بَابُ مَا يَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَةُ
قَالَ (وَإِذَا تَرَكَ الشَّفِيعُ الْإِشْهَادَ حِينَ عَلِمَ بِالْبَيْعِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ) لِإِعْرَاضِهِ عَنْ الطَّلَبِ وَهَذَا لِأَنَّ الْإِعْرَاضَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ وَهِيَ عِنْدَ الْقُدْرَةِ (وَكَذَلِكَ إنْ أَشْهَدَ فِي الْمَجْلِسِ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَى أَحَدِ
تَأْخِيرُ الْبُطْلَانِ عَنْ الثُّبُوتِ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ وَجْهٍ. اعْلَمْ أَنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْمَبِيعِ لَا يَصِحُّ وَبَعْدَهُ يَصِحُّ عَلِمَ الشَّفِيعُ بِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَعَلِمَ مَنْ أُسْقِطَ إلَيْهِ هَذَا الْحَقُّ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، لِأَنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ إسْقَاطُ حَقٍّ وَلِهَذَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ وَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ يَعْتَمِدُ وُجُوبَ الْحَقِّ دُونَ عِلْمِ الْمُسْقِطِ، وَالْمُسْقَطُ إلَيْهِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ (قَوْلُهُ وَإِذَا تَرَكَ الشَّفِيعُ الْإِشْهَادَ حِينَ عَلِمَ) يَعْنِي طَلَبَ الْمُوَاثَبَةَ بِالْبَيْعِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، وَإِنَّمَا فَسَّرْنَا بِذَلِكَ لِئَلَّا يَرُدَّ مَا ذُكِرَ قَبْلَ هَذَا أَنَّ الْإِشْهَادَ لَيْسَ بِشَرْطٍ.
فَإِنْ تَرَكَ مَا لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي شَيْءٍ لَا يُبْطِلُهُ، وَيَعْضُدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ قَبْلُ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ أَشْهَدَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ عَلَى الْمُطَالَبَةِ: أَيْ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةَ، وَقَوْلُهُ هَاهُنَا لِإِعْرَاضِهِ عَنْ الطَّلَبِ، وَهَذَا يَعْنِي اشْتِرَاطَهُ بِالْقُدْرَةِ (لِأَنَّ الْإِعْرَاضَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ وَهِيَ عِنْدَ الْقُدْرَةِ) فَالْإِعْرَاضُ يَتَحَقَّقُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، حَتَّى لَوْ سَمِعَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَتَرَكَ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ فَهُوَ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute