فَصْلٌ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ
قَالَ (وَإِذَا أَسْلَمَ رَجُلٌ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَوَالَاهُ عَلَى أَنْ يَرِثُهُ وَيَعْقِلَ عَنْهُ أَوْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ وَوَالَاهُ فَالْوَلَاءُ صَحِيحٌ وَعَقْلُهُ عَلَى مَوْلَاهُ، فَإِنْ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَمِيرَاثُهُ لِلْمَوْلَى) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: الْمُوَالَاةُ لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقِّ بَيْتِ الْمَالِ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ وَارِثٍ آخَرَ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ عِنْدَهُ الْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصِي وَارِثٌ لِحَقِّ بَيْتِ الْمَالِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ فِي الثُّلُثِ.
وَلَنَا قَوْله تَعَالَى ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ وَالْآيَةُ فِي الْمُوَالَاةِ. «وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ رَجُلٍ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ آخَرَ وَوَالَاهُ فَقَالَ: هُوَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ مَحْيَاهُ وَمَمَاتَهُ» وَهَذَا يُشِيرُ إلَى الْعَقْلِ وَالْإِرْثِ فِي الْحَالَتَيْنِ هَاتَيْنِ، وَلِأَنَّ مَالَهُ حَقُّهُ فَيَصْرِفُهُ إلَى
فَصْلٌ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ)
أَخَّرَ وَلَاءَ الْمُوَالَاةِ عَنْ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ لِأَنَّ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ قَابِلٍ لِلتَّحْوِيلِ كَانَ أَقْوَى، بِخِلَافِ وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ فَإِنَّ لِلْمَوْلَى فِيهِ أَنْ يَنْتَقِلَ قَبْلَ الْعَقْلِ، وَمَعْنَى الْوَلَاءِ قَدْ تَقَدَّمَ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا. وَصُورَةُ هَذَا الْوَلَاءِ أَنْ يَتَقَدَّمَ رَجُلٌ وَيُسَلِّمُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَيَقُولُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَالَيْتُك عَلَى أَنِّي إنْ مِتّ فَمِيرَاثِي لَك، وَإِذَا جَنَيْت فَعَقْلِي عَلَيْك وَعَلَى عَاقِلَتِك وَقَبِلَ الْآخَرُ مِنْهُ. وَلَهُ ثَلَاثُ شَرَائِطَ: إحْدَاهَا أَنْ يَكُونَ مَجْهُولَ النَّسَبِ بِأَنْ لَا يُنْسَبَ إلَى غَيْرِهِ، وَأَمَّا نِسْبَةُ غَيْرِهِ إلَيْهِ فَغَيْرُ مَانِعٍ. وَالثَّانِيَةُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ وَلَاءُ عَتَاقَةٍ وَلَا وَلَاءُ مُوَالَاةٍ مَعَ أَحَدٍ وَقَدْ عَقَلَ عَنْهُ. وَالثَّالِثَةُ أَنْ لَا يَكُونَ عَرَبِيًّا. فَإِنْ قِيلَ: مِنْ شَرْطِ الْعَقْدِ عَقْلُ الْأَعْلَى وَحُرِّيَّتُهُ فَإِنَّ مُوَالَاةَ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ بَاطِلَةٌ فَكَيْفَ جَعَلَ الشَّرَائِطَ ثَلَاثًا؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَذْكُورَةَ إنَّمَا هِيَ الشَّرَائِطُ الْعَامَّةُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الصُّوَرِ. وَأَمَّا مَا ذَكَرْت فَإِنَّمَا هُوَ نَادِرٌ فَلَمْ يَذْكُرْهُ، وَأَمَّا حُكْمُهُ فَهُوَ وُجُوبُ الْعَقْلِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَعْلَى إذَا جَنَى الْأَسْفَلَ، وَاسْتِحْقَاقُ مِيرَاثِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute