للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَأْخُذُهُ بِدَيْنِهِ إنْ كَانَ قَدْ حَلَّ، وَيَرْجِعُ الْوَصِيُّ عَلَى الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَعَدٍّ بَلْ هُوَ عَامِلٌ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَحِلَّ يَكُونُ رَهْنًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، ثُمَّ إذَا حَلَّ الدَّيْنُ يَأْخُذُ دَيْنَهُ مِنْهُ وَيَرْجِعُ الْوَصِيُّ عَلَى الصَّبِيِّ بِذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا

قَالَ (وَيَجُوزُ رَهْنُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ)؛ لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ فَكَانَ مَحَلًّا لِلرَّهْنِ (فَإِنْ رُهِنَتْ بِجِنْسِهَا فَهَلَكَتْ هَلَكَتْ بِمِثْلِهَا مِنْ الدَّيْنِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْجَوْدَةِ)؛ لِأَنَّهُ لَا مُعْتَبَرَ بِالْجَوْدَةِ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِجِنْسِهَا، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ دُونَ الْقِيمَةِ، وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ الْقِيمَةَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ وَيَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ (وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: فَإِنْ رَهَنَ إبْرِيقَ فِضَّةٍ وَزْنُهُ عَشَرَةٌ بِعَشَرَةٍ فَضَاعَ فَهُوَ بِمَا فِيهِ) قَالَ : مَعْنَاهُ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ مِثْلَ وَزْنِهِ أَوْ أَكْثَرَ

هَذَا الْجَوَابُ فِي الْوَجْهَيْنِ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ عِنْدَهُ بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ وَعِنْدَهُمَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَهِيَ مِثْلُ الدَّيْنِ فِي الْأَوَّلِ وَزِيَادَةٌ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي فَيَصِيرُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ مُسْتَوْفِيًا (فَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ) الْمَذْكُورِ

لَهُمَا أَنَّهُ لَا وَجْهَ إلَى الِاسْتِيفَاءِ بِالْوَزْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ بِالْمُرْتَهِنِ، وَلَا إلَى اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا فَصِرْنَا إلَى التَّضْمِينِ، بِخِلَافِ الْجِنْسِ لِيَنْتَقِضَ الْقَبْضُ وَيُجْعَلَ مَكَانَهُ ثُمَّ يَتَمَلَّكَهُ

وَلَهُ أَنَّ الْجَوْدَةَ سَاقِطَةُ الْعِبْرَةِ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِجِنْسِهَا، وَاسْتِيفَاءُ الْجَيِّدِ بِالرَّدِيءِ جَائِزٌ كَمَا إذَا تَجَوَّزَ بِهِ وَقَدْ حَصَلَ الِاسْتِيفَاءُ بِالْإِجْمَاعِ وَلِهَذَا يُحْتَاجُ إلَى نَقْضِهِ، وَلَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ بِإِيجَابِ

يَأْخُذُهُ بِدَيْنِهِ) أَيْ يَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ مَا ضَمِنَهُ الْوَصِيُّ بِمُقَابَلَةِ دَيْنِهِ. فَصَلَهُ عَمَّا قَبْلَهُ لِلِاسْتِئْنَافِ. وَقَوْلُهُ (لِمَا ذَكَرْنَا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَعَدٍّ بَلْ هُوَ عَامِلٌ لَهُ.

(قَالَ: وَيَجُوزُ رَهْنُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ كُلَّ مَا يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ جَازَ أَنْ يُرْهَنَ بِدَيْنٍ مَضْمُونٍ وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَيَجُوزُ رَهْنُهَا، فَإِنْ رُهِنَتْ بِجِنْسِهَا وَهَلَكَتْ هَلَكَتْ بِمِثْلِهَا مِنْ الدَّيْنِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْجَوْدَةِ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِالْجَوْدَةِ لِسُقُوطِهَا عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِجِنْسِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَا: يَضْمَنُ الْقِيمَةَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ وَيَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ، وَأَتَى بِرِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِاحْتِيَاجِهَا إلَى تَفْصِيلِ ذِكْرِهِ. وَقَوْلُهُ (فَهُوَ بِمَا فِيهِ) يَعْنِي فَذَلِكَ الرَّهْنُ يُبَاعُ بِمُقَابَلَةِ الدَّيْنِ كُلِّهِ. وَقَوْلُهُ (فِي الْوَجْهَيْنِ) يُرِيدُ بِهِ مَا يَكُونُ قِيمَتُهُ مِثْلَ وَزْنِهِ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ.

وَقَوْلُهُ (عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ) يَعْنِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَهْلِكُ بِالدَّيْنِ، وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ الْقِيمَةَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ، وَقَوْلُهُ (ثُمَّ يَتَمَلَّكُهُ) يَعْنِي الرَّاهِنُ يَتَمَلَّكُ الرَّهْنَ الَّذِي جُعِلَ مَكَانَ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ. وَقَوْلُهُ (وَاسْتِيفَاءُ الْجَيِّدِ بِالرَّدِيءِ جَائِزٌ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ: هَكَذَا وَقَعَ فِي النُّسَخِ، وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنْ يُقَالَ: وَاسْتِيفَاءُ الرَّدِيءِ بِالْجَيِّدِ جَائِزٌ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ هَذَا أَصَحُّ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِقَوْلِهِ كَمَا إذَا تَجَوَّزَ بِهِ أَيْ فِي بَدَلِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ يُؤْذِنُ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنْ يُقَالَ: وَاسْتِيفَاءُ الرَّدِيءِ بِالْجَيِّدِ، لِأَنَّ التَّجَوُّزَ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا إذَا أَخَذَ الرَّدِيءَ مَكَانَ الْجَيِّدِ، وَلِأَنَّ جَوَازَ اسْتِيفَاءِ الْجَيِّدِ بِالرَّدِيءِ لَا شُبْهَةَ لِأَحَدٍ فِيهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِدْلَالِ بِشَيْءٍ آخَرَ. وَالثَّانِي الِاسْتِدْلَال بِوَضْعِ الْمَسْأَلَةِ، فَإِنَّ وَضْعَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا اسْتَوْفَى الْمُرْتَهِنُ بِعَشَرَتِهِ قِيمَةَ إبْرِيقٍ هِيَ أَقَلُّ مِنْ الْعَشَرَةِ لِرَدَاءَتِهِ فَكَانَ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا الرَّدِيءَ بِمُقَابَلَةِ جَيِّدِهِ. وَأَرَى أَنَّ مَا فِي النُّسَخِ حَقٌّ وَيُفِيدُ مَا يَرُومُهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَقَوْلُهُ (وَقَدْ حَصَلَ الِاسْتِيفَاءُ بِالْإِجْمَاعِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>