وَلَا يَتَمَلَّكَ الْجُثَّةَ، وَمِنْ أَحْكَامِ الثَّانِيَةِ أَنْ يَنْقَسِمَ وَيَتَمَلَّكَ الْجُثَّةَ فَوَفَّرْنَا عَلَى الشَّبَهَيْنِ حَظَّهُمَا مِنْ الْحُكْمِ.
(فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ)
قَالَ (وَإِذَا جَنَى الْمُدَبَّرُ أَوْ أُمُّ الْوَلَدِ جِنَايَةً ضَمِنَ الْمَوْلَى الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِهَا) لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ﵁ أَنَّهُ قَضَى بِجِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ عَلَى مَوْلَاهُ، وَلِأَنَّهُ صَارَ مَانِعًا عَنْ تَسْلِيمِهِ فِي الْجِنَايَةِ بِالتَّدْبِيرِ أَوْ الِاسْتِيلَادِ مِنْ
الْحُرِّ (وَلَا يَتَمَلَّكُ الْجُثَّةَ).
وَقَوْلُهُ (وَمِنْ أَحْكَامِ الثَّانِيَةِ) أَيْ: الْمَالِيَّةِ (أَنْ يَنْقَسِمُ) أَيْ مُوجِبُ الْجِنَايَةِ وَهُوَ الضَّمَانُ عَلَى الْأُجَرَاءِ وَالْجُثَّةِ وَتَمَلُّكِ الْجُثَّةِ كَمَا فِي تَخْرِيقِ الثَّوْبِ.
(فَوَفَّرْنَا عَلَى الشَّبَهَيْنِ حَظَّهُمَا مِنْ الْحُكْمِ) يَعْنِي بِالنَّظَرِ إلَى الْآدَمِيَّةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الضَّمَانُ مُتَوَزِّعًا بَلْ بِإِزَاءِ الْفَائِتِ لَا غَيْرُ، وَبِالنَّظَرِ إلَى الْمَالِيَّةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ بَدَلِ الْعَيْنِ مَعَ إمْسَاكِهِ الْجُثَّةَ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْمَالِ، وَفِيمَا قَالَا إلْغَاءٌ لِجَانِبِ الْآدَمِيَّةِ حَيْثُ جَعَلَاهُ كَالثَّوْبِ الْمَخْرُوقِ، وَفِيمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀ إلْغَاءٌ لِجَانِبِ الْمَالِيَّةِ أَصْلًا حَيْثُ جَعَلَهُ كَحُرٍّ فُقِئَ عَيْنَاهُ فَوَفَّرْنَا عَلَى الشَّبَهَيْنِ حَظَّهُمَا وَقُلْنَا: إنْ شَاءَ الْمَوْلَى دَفَعَ عَبْدَهُ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ نَظَرًا إلَى الْمَالِيَّةِ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ نَظَرًا إلَى الْآدَمِيَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
لَمَّا ذَكَرْنَا بَابَ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةَ عَلَيْهِ قَدَّمَ مَنْ هُوَ أَكْمَلُ فِي اسْتِحْقَاقِ اسْمِ الْمَمْلُوكِيَّةِ وَهُوَ الْعَبْدُ، ثُمَّ ذَكَرَ فَصْلَ مَنْ هُوَ أَحَطُّ رُتْبَةً مِنْهُ فِي اسْمِ الْمَمْلُوكِيَّةِ وَهُوَ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ، غَيْرَ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ أَحَطُّ رُتْبَةً أَيْضًا مِنْ الْمُدَبَّرِ فِي ذَلِكَ الِاسْمِ حَتَّى أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ قَضَى بِجَوَازِ بَيْعِهَا لَا يَنْفُذُ، بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ وَهِيَ أُنْثَى أَيْضًا فَالْأُنُوثَةُ وَالِانْحِطَاطُ فِي اسْمِ الْمَمْلُوكِيَّةِ أَوْجَبَا تَأْخِيرَ ذِكْرِهَا عَنْ ذِكْرِ الْمُدَبَّرِ. قَالَ (وَإِذَا جَنَى الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ جِنَايَةً ضَمِنَ الْمَوْلَى إلَخْ) جِنَايَةُ الْمُدَبَّرِ عَلَى سَيِّدِهِ فِي مَالِهِ دُونَ عَاقِلَتِهِ حَالَّةٌ (لِمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ ﵁ قَضَى بِجِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ عَلَى مَوْلَاهُ) وَكَانَ أَمِيرًا بِالشَّامِ، وَقَضَايَاهُ تَظْهَرُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ ﵃، وَكَانَ حُكْمُهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَحَلَّ مَحَلَّ الْإِجْمَاعِ (؛ وَلِأَنَّهُ صَارَ مَانِعًا مِنْ تَسْلِيمِهِ) كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ، وَيَضْمَنُ الْمَوْلَى الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ فِي أَكْثَرَ مِنْ الْأَرْشِ وَلَا مَنْعَ مِنْ الْمَوْلَى فِي أَكْثَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute