فَصْلٌ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ
قَالَ (وَإِذَا كَاتَبَ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ عَلَى قِيمَةِ نَفْسِهِ فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُسْلِمُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ فِي حَقِّهِ فَلَا يَصْلُحُ بَدَلًا فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْقِيمَةَ مَجْهُولَةٌ قَدْرًا وَجِنْسًا وَوَصْفًا فَتَفَاحَشَتْ الْجَهَالَةُ وَصَارَ كَمَا إذَا كَاتَبَ عَلَى ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ، وَلِأَنَّهُ تَنْصِيصٌ عَلَى مَا هُوَ مُوجِبُ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ لِأَنَّهُ مُوجِبٌ لِلْقِيمَةِ. قَالَ (فَإِنْ أَدَّى الْخَمْرَ عَتَقَ) وَقَالَ زُفَرُ: لَا يُعْتَقُ إلَّا بِأَدَاءِ قِيمَةِ نَفْسِهِ،
وَجْهُ تَأْخِيرِ الْفَاسِدَةِ عَنْ الصَّحِيحَةِ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ. قَالَ (وَإِذَا كَاتَبَ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ) جَمَعَ هَاهُنَا أُمُورًا يَفْسُدُ عَقْدُ الْكِتَابَةِ بِهَا ذَكَرَ بَعْضَهَا أَصَالَةً وَبَعْضَهَا اسْتِشْهَادًا. وَإِذَا كَاتَبَ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ (عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ نَفْسِهِ) أَوْ عَلَى ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ عَلَى مَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ (فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ، أَمَّا الْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ فَلِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ فِي حَقِّهِ فَهُوَ لَا يَسْتَحِقُّهُمَا فَكَانَ عَقْدًا بِلَا بَدَلٍ وَهُوَ فَاسِدٌ، وَأَمَّا قِيمَةُ الْعَبْدِ فَلِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ جَهَالَةً فَاحِشَةً لِجَهَالَةِ الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ وَالْوَصْفِ) وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ وَالدَّابَّةُ.
وَأَمَّا الدَّمُ وَالْمَيْتَةُ فَلِمَا ذَكَرْنَا فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بَلْ أَوْلَى عَلَى مَا نَذْكُرُهُ، وَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ (فَإِنْ أَدَّى الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ عَتَقَ) سَوَاءٌ قَالَ لَهُ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ لَمْ يَقُلْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ (وَقَالَ زُفَرُ: لَا يُعْتَقُ إلَّا بِأَدَاءِ قِيمَةِ نَفْسِهِ)،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute