. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَعُمُّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا وَلَا فُلَانًا، فَلَمَّا ذَكَرَ الثَّالِثَ بِحَرْفِ الْوَاوِ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ أَوْ هَذَيْنِ، وَلَوْ نَصَّ عَلَى هَذَا كَانَ الْحُكْمُ هَكَذَا فَكَذَا هَاهُنَا
(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزَوُّجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)
يُرِيدُ بِغَيْرِ ذَلِكَ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ وَالضَّرْبَ، وَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ فِي الْأَيْمَانِ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا بَعْدَهُ فَلِذَلِكَ قَدَّمَهُ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: ثُمَّ الضَّابِطُ فِي هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ لِأَصْحَابِنَا ﵏ فِيمَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ، وَفِيمَا لَا يَحْنَثُ شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ تَرْجِعُ الْحُقُوقُ فِيهِ إلَى الْمُبَاشِرِ، فَالْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ بِمُبَاشَرَةِ الْمَأْمُورِ، وَكُلُّ فِعْلٍ تَرْجِعُ الْحُقُوقُ فِيهِ إلَى مَنْ وَقَعَ حُكْمُ الْفِعْلِ لَهُ يَحْنَثُ. وَالثَّانِي أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ يَحْتَمِلُ حُكْمُهُ الِانْتِقَالَ إلَى غَيْرِهِ، فَالْحَالِفُ فِيهِ لَا يَحْنَثُ بِمُبَاشَرَةِ الْمَأْمُورِ، وَكُلُّ فِعْلٍ لَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ يَحْنَثُ. قِيلَ وَكُلُّ مَا يَسْتَغْنِي الْمَأْمُورُ فِي مُبَاشَرَتِهِ عَنْ إضَافَتِهِ إلَى الْآمِرِ فَالْآمِرُ لَا يَحْنَثُ بِمُبَاشَرَةِ الْمَأْمُورِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ هَذِهِ الْإِضَافَةِ يَحْنَثُ. وَالْفِقْهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْعَقْدَ مَتَى رَجَعَتْ حُقُوقُهُ إلَى مَنْ وَقَعَ حُكْمُ الْعَقْدِ لَهُ فَمَقْصُودُ الْحَالِفِ مِنْ الْحَلِفِ التَّوَقِّي عَنْ حُكْمِ الْعَقْدِ لَهُ وَعَنْ حُقُوقِهِ وَكِلَاهُمَا يَرْجِعَانِ إلَيْهِ، وَمَتَى رَجَعَتْ حُقُوقُهُ إلَى الْعَاقِدِ لَا إلَى مَنْ وَقَعَ حُكْمُ الْعَقْدِ لَهُ فَمَقْصُودُهُ مِنْ الْحَلِفِ التَّوَقِّي مِنْ رُجُوعِ الْحُقُوقِ إلَيْهِ وَهِيَ لَا تَرْجِعُ إلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ. ثُمَّ مِمَّا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِمُبَاشَرَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ النِّكَاحُ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْقَرْضُ وَالِاسْتِقْرَاضُ وَضَرْبُ الْعَبْدِ وَالذَّبْحُ وَالْإِيدَاعُ وَقَبُولُ الْوَدِيعَةِ وَالْإِعَارَةُ وَالِاسْتِعَارَةُ وَخِيَاطَةُ الثَّوْبِ وَالْبِنَاءُ، فَإِنَّ الْحَالِفَ كَمَا يَحْنَثُ فِيهَا بِفِعْلِ نَفْسِهِ يَحْنَثُ أَيْضًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute