(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزَوُّجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)
(وَمَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَشْتَرِي أَوْ لَا يُؤَاجِرُ فَوَكَّلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الْعَقْدَ وُجِدَ لَهُ مِنْ الْعَاقِدِ حَتَّى كَانَتْ الْحُقُوقُ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ هُوَ الْحَالِفُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ فَلَمْ يُوجَدْ مَا هُوَ الشَّرْطُ وَهُوَ الْعَقْدُ مِنْ الْآمِرِ، وَإِنَّمَا الثَّابِتُ لَهُ حُكْمُ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ تَشْدِيدًا أَوْ يَكُونَ الْحَالِفُ ذَا سُلْطَانٍ لَا يَتَوَلَّى الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ نَفْسَهُ عَمَّا يَعْتَادُهُ
(وَمَنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ أَوْ لَا يُطَلِّقُ أَوْ لَا يُعْتِقُ فَوَكَّلَ بِذَلِكَ حَنِثَ) لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي هَذَا سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ وَلِهَذَا لَا يُضِيفُهُ إلَى نَفْسِهِ بَلْ إلَى الْآمِرِ، وَحُقُوقُ الْعَقْدِ تَرْجِعُ إلَى الْآمِرِ لَا إلَيْهِ (وَلَوْ قَالَ عَنَيْت أَنْ لَا أَتَكَلَّمَ بِهِ لَمْ يَدِينَ فِي الْقَضَاءِ خَاصَّةً) وَسَنُشِيرُ إلَى الْمَعْنَى فِي الْفَرْقِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ. وَأَمَّا مَا لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِمُبَاشَرَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ فَهُوَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالْإِجَارَةُ وَالِاسْتِئْجَارُ وَالصُّلْحُ عَنْ الْمَالِ وَكَذَلِكَ الْقِسْمَةُ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ أَلْحَقَ الْخُصُومَةَ بِهَذَا الْقِسْمِ. وَإِذَا عُرِفَ هَذَا ظَهَرَ مَعْنَى كَلَامِهِ إلَّا أَلْفَاظًا نُنَبِّهُ عَلَيْهَا.
وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ) اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ فَوَكَّلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ: أَيْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ لَا يَأْمُرَ غَيْرَهُ أَيْضًا فَحِينَئِذٍ يَحْنَثُ. وَقَوْلُهُ (أَوْ يَكُونُ الْحَالِفُ ذَا سُلْطَانٍ) يَعْنِي إذَا بَاشَرَهُ الْمَأْمُورُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute