(وَلَوْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ عَبْدَهُ أَوْ لَا يَذْبَحُ شَاتَه فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَفَعَلَ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ) لِأَنَّ الْمَالِكَ لَهُ وِلَايَةُ ضَرْبِ عَبْدِهِ وَذَبْحِ شَاتِه فَيَمْلِكُ تَوْلِيَتَهُ غَيْرَهُ ثُمَّ مَنْفَعَتَهُ رَاجِعَةً إلَى الْآمِرِ فَيَجْعَلُ هُوَ مُبَاشِرًا إذْ لَا حُقُوقَ لَهُ تَرْجِعُ إلَى الْمَأْمُورِ (وَلَوْ قَالَ عَنَيْت أَنْ لَا أَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِي دِينَ فِي الْقَضَاءِ) بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ. وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ إلَّا تَكَلُّمًا بِكَلَامٍ يُفْضِي إلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، وَالْأَمْرُ بِذَلِكَ مِثْلُ التَّكَلُّمِ بِهِ وَاللَّفْظُ يَنْتَظِمُهُمَا، فَإِذَا نَوَى التَّكَلُّمَ بِهِ فَقَدْ نَوَى الْخُصُوصَ فِي الْعَامِّ فَيَدِينُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً، أَمَّا الذَّبْحُ وَالضَّرْبُ فَفِعْلٌ حِسِّيٌّ يُعْرَفُ بِأَثَرِهِ، وَالنِّسْبَةُ إلَى الْآمِرِ بِالتَّسْبِيبِ مَجَازٌ، فَإِذَا نَوَى الْفِعْلَ بِنَفْسِهِ فَقَدْ نَوَى الْحَقِيقَةَ فَيُصَدَّقُ دِيَانَةً وَقَضَاءً
حَنِثَ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ مِنْ الْيَمِينِ مَنْعُ نَفْسِهِ عَمَّا هُوَ مُعْتَادُهُ وَمُعْتَادُهُ الْأَمْرُ لِلْغَيْرِ، فَلَمَّا أَمَرَ غَيْرَهُ وَفَعَلَ الْمَأْمُورَ حَنِثَ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ حَنِثَ أَيْضًا لِوُجُودِ الْبَيْعِ مِنْهُ حَقِيقَةً.
وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ الْمَالِكَ لَهُ وِلَايَةُ ضَرْبِ عَبْدِهِ) يَلُوحُ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِضَرْبِ حُرٍّ وَقَدْ حَلَفَ عَلَى ضَرْبِهِ فَضَرَبَهُ الْمَأْمُورُ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ فَلَا يُعْتَبَرُ أَمْرُهُ فِيهِ. وَقَوْلُهُ (وَوَجْهُ الْفَرْقِ) هُوَ الْفَرْقُ الْمَوْعُودُ بِقَوْلِهِ سَنُشِيرُ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا نَوَى الْخُصُوصَ فِي الْعُمُومِ يَصْدُقُ دِيَانَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute