وَقَالَ: الْوُجُوبُ بِآخِرِ السَّنَةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُضِيِّ لِيَتَحَقَّقَ الِاجْتِمَاعُ فَتَتَدَاخَلَ.
وَعِنْدَ الْبَعْضِ هُوَ مُجْرًى عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَالْوُجُوبُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِأَوَّلِ الْحَوْلِ فَيَتَحَقَّقُ الِاجْتِمَاعُ بِمُجَرَّدِ الْمَجِيءِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْوُجُوبَ عِنْدَنَا فِي ابْتِدَاءِ الْحَوْلِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي آخِرِهِ اعْتِبَارًا بِالزَّكَاةِ. وَلَنَا أَنَّ مَا وَجَبَ بَدَلًا عَنْهُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ فَتَعَذَّرَ إيجَابُهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْحَوْلِ فَأَوْجَبْنَاهُ فِي أَوَّلِهِ.
(فَصْلٌ)
(وَلَا يَجُوزُ إحْدَاثُ بِيعَةٍ وَلَا كَنِيسَةٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ)؛ لِقَوْلِهِ ﵊ «لَا خِصَاءَ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا كَنِيسَةَ» وَالْمُرَادُ إحْدَاثُهَا
عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَلَى هَذَا يَتَحَقَّقُ التَّدَاخُلُ عِنْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ بِلَا ارْتِكَابِ الْمَجَازِ، وَكَلَامُهُ وَاضِحٌ. وَقَوْلُهُ (عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ الْقَتْلَ إنَّمَا يُسْتَوْفَى لِحِرَابٍ قَائِمٍ فِي الْحَالِ لَا لِحِرَابٍ مَاضٍ إلَخْ، وَيَحْتَاجُ إلَى الْجَوَابِ عَنْ الزَّكَاةِ، وَهُوَ أَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ فِي آخِرِ الْحَوْلِ لِأَنَّهَا تَجِبُ فِي الْمَالِ النَّامِي وَحَوَلَانُ الْحَوْلِ هُوَ الْمُمْكِنُ مِنْ الِاسْتِنْمَاءِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى مَا مَرَّ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْحَوْلِ لِيَتَحَقَّقَ شَرْطُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ.
فَصْلٌ:
لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ مَا يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ بِسُكْنَاهُمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالسُّكْنَى (وَلَا يَجُوزُ إحْدَاثُ بِيعَةٍ وَلَا كَنِيسَةٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِقَوْلِهِ ﷺ «لَا خِصَاءَ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا كَنِيسَةَ») وَالْخِصَاءُ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَالْمَدِّ عَلَى وَزْنِ فِعَالٍ مَصْدَرُ خَصَاهُ: إذَا نَزَعَ خُصْيَتَيْهِ، وَالْإِخْصَاءُ فِي مَعْنَاهُ خَطَأٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute